التبعثر في السياسة والحكم

آراء 2021/01/18
...

 سعد العبيدي 
ما أن بانت مؤشرات الانتخاب في الأفق القريب نسبياً، وقبل التأكد من احتمالات عقدها في الوقت المحدد، وتذليل كل الصعاب الفنية والإدارية والسياسية التي قد تحول دون تحقيق أهداف الحكومة في عقدها، استنفرت عموم الجهات السياسية المشكلة من قبل قدراتها متجهة صوب التهيؤ والاستعداد، واستنفر البعض من غير المنظمين في أحزاب هم أيضاً جهودهم وساروا في طريق التهيؤ والاستعداد. وهذا حق مشروع واستعداد طبيعي، فلجميعهم أهداف يودون بلوغها عن طريق استلام الحكم أو المشاركة فيه، لكن غير الطبيعي وغير المعقول في سياقات العمل الديمقراطي السليم وإدارة الحكم الرشيد هو هذا التعدد في الكتل والحركات والأحزاب التي تسجلت لغرض التنافس في خوض الانتخابات، وغير الطبيعي ايضاً ذلك الدفع من بعض الكتل الكبيرة لمؤيدين لها وأفراد من عناصرها باتجاه تأسيس أحزاب جديدة تسعى الى المشاركة في الانتخابات، لتعيدنا الى ثقافة وتسميات الأحزاب الرديفة التي أبتدعها البعث من قبل عندما أحرج في موضوع التعددية في أواخر زمانه المتهرئ. 
إن هذا التبعثر والكثرة في العدد وبالإضافة الى إنه تعبير عن مقادير الخلل وتضخم الانا في الشخصية السياسية، فإنه تشتيت للناخب وإيهام لتوجهاته في الانتخاب حيث الحاجة في حال الكثرة الى التفتيش بين أكوام القوائم على الأفضل، مما قد يضطر البعض الى الامتناع جزعاً واحتجاجاً أو بالتوجه العشوائي، كنوع من اسقاط الفروض، وفي كلتا الحالتين ستقل فرص الأفضل في الحصول على الأصوات اللازمة للفوز وتشكيل الحكومة، الأمر الذي سيعيدنا الى الطريق نفسه المتعرج في توزيع الأصوات بين العديد من الكتل، التي تضطر الى التوافق والتنازل والتحاصص في تشكيل الحكومة، التي ومهما بذلت من جهود لن تكون هي الحكومة المناسبة لإنقاذ العراق من محنة الفرقة والتناحر.