حسين المولى
إن أبرز الصورِ المُلهمةِ التي ولدتها الحداثة في اَلتِّقْنِيَّة من اكتشافات ستساعد على تغير الفكر القضائي وتأخذ به إلى مَصَاف التقدم العلمي هو ما يعرف بالمحكمة الإلكترونية، التي تُعد نتاجا مهما وناجعا في عصرِ التقدم، والذي قد أردف الكثير من الباحثين تعرفًا لها، والتي تعني أن جميع إجراءات التقاضي تتم بصورة إلكترونية من مرحلتها الأولى برفعها وانتهاءً بالمحاكمة التي تكون عبر التقنيَّة الحديثة، وكذلك نشر الأحكام بصورة إلكترونية، فالسعي إلى الأخذِ بها وإنجاحها واستخدامها في تيسير إجراءات التقاضي ودعم العدالة الناجزة من متطلبات العصر الحديث، لذلك ومن منطلق أن الدول تنهض بقضائها العادل والناجز، سنركز في المقال إلى إظهار أهمية هذه المحكمة، وما لها من إمكانية في التصدي للجرائم، فهل يمكن أن تكون المحاكم الإلكترونية هي المحاكم النموذجية للعدالة في التصدي للجرائم وخاصة الجرائم المعلوماتية؟
فمن المعلوم أن التطور المتسارع في العالم وما ولدت هذه الحداثة من أفكارٍ تساعد وتنهض بالعمل الحكومي، لا سيما الحكومة الإلكترونية، فصار من اللازم أن تخطو التشريعات في سبيل رفد قطاع العدالة بالتشريعات اللازم في تحقيق هذا الهدف. ومع ظهور مصطلح التقاضي الإلكتروني حديثًا وما أحدث من إمكانيات في تطوير هذا القطاع، ظهور مشكلات كثيرة، لا سيما حُجية المستندات الإلكترونية وكذلك من أبرز مشكلات هذه المحاكم هي التأكد والتحقق من صفة المتقاضين، وكذلك نجد ومن خلال الدراسات الحديثة أن هذا النوع من المحاكم تُعاني بشكل كبير من حفظ أمن معلوماتها وعدم تعرضها للاختراق.
ومع هذا كُله نجد أن العمل بهذه المنظومة لا بُدَّ أن يكون بخطوات صحيحة ولا يشوبها أي شائبة، فالعمل بالنظام الإلكتروني هو محقق لهدف عام وهو تحقيق العدالة الناجزة، فمن خلالها يتم تقديم صحيفة الدعوى المدنية أو البلاغ الجنائي من خلال الدخول لصفحة المحكمة عبر الموقع الإلكتروني أو برنامج ببرمجة خاصة لهذا الشأن، وبعدها تصل هذه الصحيفة أو البلاغ للجهة المختصة لتدقيقها ومن ثم تدخل قلم كتاب المحكمة، وتستكمل الإجراءات بصورة إلكترونية والمرافعة في هذا النوع من المحاكم يكون بصورة إلكترونية عبر تقنية المؤتمرات الفيديوية Video Conference، وكذلك نشر الأحكام بصورة إلكترونية، وحسنًا فعل مجلس القضاء العراقي، حيث إنه أطلق قبل أيام تطبيق (متابعة القضايا) على منصة ال IOS وال Android تهدف إلى وضع معلومات واضحة بصورة منظمة لخدمة المواطن والمتقاضين، كما نجد في مصر التقدم الكبير في هذا المجال، خاصة مع آخر تعديل لقانون المحاكم الاقتصادية التي جعل فيها آلية للعمل الإلكتروني في المحاكم الاقتصادية، وأيضًا تطور هذا النوع من المحاكم في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. فلا بُدّ من الأخذ بهذه المحاكم في سبيل تحقيق العدالة الناجزة وتحقيق أقصى استفادة من التقدم التقنِيّ، وجعل الإجراءات القضائية يسيرة ومتاحة في كُلّ وقتٍ ومكان.