عباس الصباغ
تبرز بين آونة وأخرى ظواهر إعلامية شاذة ومريبة في ذات الوقت وهي استحالة بعض المعلومات والاخبار، التي ترد في بعض وسائل الاعلام والسوشل ميديا، الى (قضية رأي عام) فتعجّ تلك الوسائل، (المنفلتة) منها خاصة ومعها الجيوش الالكترونية المتوارية وراء الأضواء، وبعض وسائل الاعلام والمواقع الخبرية غير الرصينة، فضلا عن الفضائيات المغرضة، التي تقوم بإجراء البرامج الحوارية ذات التحليلات المشوّهة للحقائق بما يسمى ظاهرا بـ(التحليل) الستراتيجي وفي الباطن بدس السمِّ بالعسل، تعجّ بالأخبار الكاذبة وغير الصحيحة، فتختلط الأوراق وتشتبك المحاور والقضايا، لاستغفال الرأي العام العراقي، وايهامه بأن ما تطرحه هو الحقيقة التي لاجدال فيها والتي تشي بأجواء ملغومة تثير الارباك والهلع والجزع والاحباط في نفسيته، وهي كلها تطفح بالأخبار الكاذبة والمعلومات المضلّلة للرأي العام والمحبطة لسايكولوجية رجل الشارع، بلي الحقائق وحرفْها عن وجهتها الصحيحة، لضرب الاستقرار السياسي والمجتمعي والاقتصادي والأمني والسلم الاهلي بشكل عام وزعزعة ثقة المواطن بحكومته واشاعة الفوضى والبلبلة بين شرائح النسيج المجتمعي عن طريق الاشاعة والمحاولات المبرمجة لتضليل الرأي العام، فضلا عن تلفيق المعلومات وتدليسها على طريقة (اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدّقك الناس) ولخلق مزاج خاص يتناسب مع الأجندات، التي يتوخاها مبرمجو هذه الوسائل المنحرفة، خاصة في أوقات الأزمات التي تحيق
بالبلد .
ومن أقرب الأمثلة على هذا النهج التخريبي الاحباطي أزمة ارتفاع سعر الدولار وما رافق ذلك من بثّ اخبار مهولة وكاذبة للرأي العام العراقي، فصار سعر الدولار (قضية رأي عام)، ما أحدث خللا كبيرا في تعاملات السوق المحلية، الى أن أصابها الإرباك والجمود لفترة ليست قليلة وسبّبت خسائر فادحة للكثير من المواطنين، بسبب تضارب الاخبار المبثوثة، وحرجا كبيرا لصاحب القرار الاقتصادي وصوّرت الأوضاع الاقتصادية بأنها على وشك الانهيار، او انها انهارت تماما وذات المسألة تنسحب على قضية الرواتب، فاستحالت الى (قضية رأي عام) ايضا، فأصبحت تلك الوسائل مصادر يدلي بها من هبّ ودبّ من معلومات حول تأمين الرواتب، وان المستقبل المنظور يحمل أخبارا غير سارة للموظفين، وان الدولة غير قادرة على سد العجز المالي الترليوني في الموازنة، وانها غير قادرة اصلا على تامين الرواتب وغيرها من مسائل تتعلق بالاقتصاد والمال والسياسة والأمن وحتى المجتمع والطقس وهي بعيدة عن ذلك كل البعد وغيرها الكثير وهي كلها تستحيل الى قضايا رأي عام بشكل كيدي مفتعل.