إرضاء لضميرك

آراء 2021/01/19
...

 د. كريم شغيدل
 
 
ونحن على أبواب الانتخابات المبكرة المزمع إقامتها منتصف العام الحالي، بدأت بوادر التناقض بخصوص المشاركة تطفو على سطح صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما الفيسبوك، فهناك كما في الانتخابات السابقة دعوات للمقاطعة، وعلى العكس من ذلك هناك إصرار على المشاركة، وفي تقديرنا أن الانتخابات، مهما شابتها الشبهات، فهي الحل الأمثل، بدل الانقلابات والمؤامرات وتغيير الأوضاع بالقوة خارجية كانت أم داخلية، لا أقول بأننا سنحظى بانتخابات مثالية في خضم الصراعات السياسية والتنافسات المحاصصاتية وهيمنة المال السياسي وقوة السلاح والدعم الإقليمي لبعض القوى، مهما كانت آليات المراقبة، ومهما كان نوع الإشراف محلياً أم أممياً، ذلك أن مناطق الكثافة السكانية بعيدة عن الأنظار ما لم نقل نائية، وغالبيتها منزوعة الإرادة بسبب هيمنة العاطفة الدينية والطائفية وسياسة الخضوع للأقوى التي تمارس على المواطنين بعيداً عن أعين الجهات المسؤولة، فكلما ابتعدت عن مركز مدينة بغداد كلما انحسر دور قوى الأمن، لا سيما في المناطق العشوائية التي تمت السيطرة عليها بقوة السلاح من قبل بعض الميليشيات وبيعها أو توزيعها
 للأتباع.
إن التجارب الانتخابية السابقة شهدت حالات تزوير وتلاعب من معظم القوى المتنفذة، ونتوقع ما هو أكبر منها في الانتخابات المقبلة، وقلما تخلو انتخابات من ذلك حتى في كبريات الدول الديمقراطية المتقدمة، ونحن ضد المقاطعة لسبب بسيط هو أنها لا تلغي شرعية الانتخابات، ولا تؤثر في ما تخطط له القوى المتنفذة استحقاقاً أو تزويراً، لكنها تؤثر في القوى المدنية الجديدة التي انبثقت من الحراك الشعبي التشريني، فبدلاً من أن تجعل صوتك يذهب سدى أو ربما يستغل لصالح ما تعارضه، اجعله في مكانه التي تؤمن به إرضاء لضميرك، فلعله يسهم بصعود شخص تتمناه، أو يحول دون صعود شخص فاسد.
في الانتخابات السابقة كانت هناك مبررات موضوعية للمقاطعة، لكن هذه المرة الأمر مختلف، فثمة طموح باتجاه تبلور قوى معارضة داخل البرلمان، ثمة أمل في وجوه جديدة تحمل بشائر مشاريع مغايرة، ولست هنا بصدد الدعاية لأحد إنما نرى بأن الانتخابات أفضل الحلول المتاحة للحفاظ على قدر من مقومات الدولة العراقية.