رياض الغريب
عرضت قناة العراقية ضمن برنامجها المعنون» دينار» حلقة سلطت فيها الضوء على واحدة من المشكلات، التي تواجه الصناعة العراقية وبالتحديد الصناعات التحويلية، بعد أن رفعت وزارة النفط أسعار الوقود على تلك الصناعات في الوقت الذي يشهد العراق ازمة مالية خانقة ومخارج الدولة في هذه الازمة محدودة، كون الاقتصاد العراقي يعتمد بالدرجة الاساس على صادرات النفط فقط، ومقابل ذلك نجد ان القطاع الصناعي الخاص معطل تماما.
وإن كانت هناك بارقة امل في تطوير هذا القطاع نجد أن مفاصل في الدولة العراقية لاسباب معلومة احيانا ومجهولة ايضا تضع المعرقلات في طريق تطوير تلك الصناعات، والغرض هو ابقاء البلد معتمدا على الخارج والاستيراد غير المبرر لسلع ومواد يمكن للصناعة الوطنية الخاصه توفيرها وبجدودة افضل من المستورد.
يقول أحد ضيوف الحلقة في رأي احد المديرين العامين في وزارة النفط إن العاملين في القطاع الخاص هم مجموعة من المهربين واللصوص يذكرني هذا بقول ينسب للامام علي يقول» الانسان يرى الناس ما يرى بنفسه»، وهذا القول يمكن ان يكون واقع حالنا اليوم، فليس كل الصناعيين لصوصا، بل هم ابناء وطن وقلبهم يحترق وهم يلمحون هذا الوطن بلا صناعة وطنية، يمكنها أن تقدم الكثير وربما تنقذ البلد من ازمته الحالية وربما الازمات المقبلة.
ان الاستثمار الحقيقي في الصناعة وكل الدول التي خطت خطوات سريعة في اقتصادها استثمرت في الصناعة، والسؤال الذي يمكن ان يطرح لماذا غابت الصناعة الوطنية وحضرت عشوائيات الاستيراد غير المبرر، والذي يمكن تعويضه من خلال صناعة وطنية عطلت وحسب رأي احد السياسين العراقيين بعد العام 2003 بقرار سياسي وربما لمنح دول الجوار فرصة اكبر في جعل العراق سوقا لبضاعتها وما ينتج في تلك البلدان من سلع مختلفة أغلبها كان العراق منتجا لها سواء في القطاع الصناعي الحكومي او القطاع الخاص، الذي شلًّ تماما وغاب.
لقد سلط برنامج دينار الضوء على موضوع في غاية الاهمية ونجح في وضع اليد على الجرح، ولكن نحن بحاجة لصراحة اكثر ووضوحا اكثر والاشارة لمكامن الخلل وهو هناك دوائر ومؤسسات (ومؤسسات) نضعها بين هلالين هي وراء هذا التعطيل لمصالح حزبية وشخصية لاشخاص غير قادرين على النهوض بالواقع الاقتصادي العراقي، وعدم الاستفادة من تجارب دول كثيرة في العالم حدثت فيها تحولات كبرى في انظمتها السياسية استفادت من هذه التحولات لصالح شعوبها.
الدولة العراقية بجامعاتها العلمية تخرج في كل عام آلاف العقول المبدعة، وترمي بها في الشارع وهذا خلل كبير عدم الاستفادة من تلك الطاقات الشابة التي تخرجها تلك الجامعات وانحصرت ادراة المؤسسات ومفاصلها بيد من لا خبرة ولاعلمية لديه فقط، كونه يمثل تلك الجهة الحزبية او الكيان المهمين على المشهد السياسي العراقي، وهذا الامر بات معروفا وعلى القيادات الوطنية مراجعة ذلك اذا هم ارادوا فعلا تطوير الصناعة الوطنية والنهوض بالبلاد.
إنَّ وجود الروح التخريبية وغياب العقلية المنتجة والفاعلة جعل الحياة الصناعية في العراق مشلولة تماما وهذا يدعو الى تفعيل العقل المبدع المنتمي ومنحه الفرصة الحقيقية للابداع والنهوض بالصناعة وعدم وضع العراقيل من اجل منح دول الجوار استنزاف العملة العراقية، واستغلال السوق العراقية من خلال منتجاتها الرديئة التي تغزو الاسواق شكل اصبح غير مقبول، من قبل المصنع العراقي الذي توقفت معامله وسرح عماله وشكل ذلك ثقلا مضافا على كاهل المواطن.
لقد آن الآوان أن نطور ونهتم بالأنظمة والتشريعات، التي تخدم الصناعة ونجد الحلول لغرض التمكين المالي وايجاد السبل لبناء وتطوير البنية التحية للمشاريع وايجاد الحلول لمشكلة الاراضي الصناعية واستملاكها من قبل المسثمرين والصناعيين العراقيين، والبحث عن الاليات الجديدة في التطوير والابكار وخلق فرص حقيقية جادة للنهوض بواقع الصناعة، وهذا ليس بالصعب لكنه يحاجة الى الارادة الحقيقية وروح الانتماء والوطنية.