بايدن وصفقة إيران النووية من وجهة نظر الأوروبيين

آراء 2021/01/24
...

 ترجمة وإعداد: أنيس الصفار                                     
يأمل حلفاء واشنطن الأوروبيون ان تتخذ إدارة بايدن خطوات سريعة لإعادة العمل بصفقة إيران النووية وسط ضغوط تتصاعد، من بينها رفع طهران مستويات تخصيب اليورانيوم والانتخابات التي ستجرى في وقت لاحق من هذه السنة وقد تمهد لصعود حكومة في إيران أقرب الى الخط المتشدد.
من ناحيته عبر الرئيس «جو بايدن» عن استمرار دعمه للاتفاق الذي أمكن التوصل اليه حين كان نائباً للرئيس في إدارة أوباما، ذلك الاتفاق الذي تعهد بتخفيف العقوبات عن إيران مقابل كبح برنامجها النووي، كذلك اختياره «ويندي شيرمان» لشغل منصب نائب وزير الخارجية في إدارته وهي الشخصية التي ساعدت على التوصل الى ابرام الصفقة مع إيران في العام
 2015.
من غير الواضح بعد مدى تقبل القيادة الإيرانية للتفاوض مجدداً مع القوى الدولية بعد انسحاب الرئيس ترامب، لكن الأوروبيين لا يزالون يرون نافذة أمل ضيقة بعد تنصيب 
بايدن.
أما في إيران فمن المحتمل أن تأتي الانتخابات الرئاسية بحكومة جديدة في حزيران المقبل اكثر انسجاماً مع متشددي الدائرة الداخلية المقربة من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي صاحب الكلمة الفاصلة في جميع القرارات الحيوية.
يقول «أوميد نوريبور» عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني: «الوقت يفلت منا وكل يوم يمر بلا محادثات أو تفتيش سوف يسمح لأجهزة الطرد المركزي بالدوران 
أسرع».
جاء في تقرير للوكالة الدولية للطاقة النووية صدر مؤخراً أن إيران أبلغت المنظمة بأنها باشرت العمل بأجهزة لإنتاج اليورانيوم، الذي يمكن استخدامه لإنتاج رؤوس نووية. يمثل هذا الاجراء توسعاً من جانب إيران في خرق الصفقة التي انسحبت منها إدارة ترامب في 2018 وأتبعتها بعقوبات واسعة النطاق على إيران. كذلك أعلنت إيران في وقت مبكر من الشهر الحالي أنها قد استأنفت تخصيب اليورانيوم الى مستوى 20 بالمئة في منشأة فوردو النووية، وهذا يقربها من قدرة التخصيب الى مستوى 90 بالمئة وهو الحد المطلوب لإنتاج سلاح نووي.
تؤكد القيادة الإيرانية أن الهدف من تخصيب اليورانيوم لا يتعدى البحوث وإنتاج الطاقة، ولكن هذه التحركات صعدت الضغط على الدول الأوروبية الساعية لإنقاذ اتفاقية 2015 بمعاونة من ادارة بايدن.
من المتوقع حدوث تصعيد آخر في خرق الصفقة من جانب إيران خلال شهر شباط، بناء على قانون شرعته طهران عقب اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده في شهر تشرين الثاني الماضي، كما يقول نيسان رفعتي المحلل في مجموعة الأزمة 
الدولية.
ففي أعقاب مقتل فخري زاده بادر البرلمان الإيراني الى اصدار تشريع يطالب الحكومة بتكثيف العمل في نشاطات نووية معينة ما لم ترفع عن إيران عقوبات أساسية محددة، وقد كان للمتشددين السياسيين، المتطلعين الى تسليط مزيد من الضغوط على الرئيس حسن روحاني، الذي أبرمت حكومته الصفقة، دور مهم في السرعة التي مرر بها القانون استباقاً للانتخابات الرئاسية التي ستجري في 
حزيران. 
يدعو القانون الى تحريك الأمر بمجمله، بدءاً من الارتقاء بمستوى تخصيب اليورانيوم حتى نصب اجهزة طرد مركزي متقدمة، وقد حدد يوم 21 شباط كموعد نهائي لإعادة العمل برفع العقوبات وبخلاف ذلك سوف تقيد إيران عمل مفتشي الأمم 
المتحدة.
لقد رهن روحاني حصاده السياسي بالصفقة النووية، كما عانى فريقه من المعتدلين ما عاناه في الانتخابات البرلمانية في السنة الماضية، بعد أن خاب أمل الإيرانيين في جني الثمار الموعودة جراء حملة «الضغط الأقصى» التي فرضها ترامب. يقول المحللون ان هذا لا يبشر بخير للمعتدلين في انتخابات حزيران المقبلة، لذا يسعى الأوروبيون الى كسب اقصى تقدم ممكن في الفترة المقبلة عبر الفريق الذي سبق لهم التعامل معه، كما يقول رفعتي.
يقول «إيلي جيرنمايا»، وهو خبير من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: «ثمة خشية من أن تكون إيران جادة في الأمر، عندئذ سيكون منع المراقبين الدوليين من الدخول سبباً حقيقياً للقلق. لذا يسود شعور بالحاجة الى صياغة شكل من اشكال الموقف السياسي من قبل ادارة بايدن بأسرع وقت لمنع إيران من التصعيد الجدي في نشاطها النووي.»
غير أن الآراء في أوروبا تبدو منقسمة حول كيفية التحرك 
قدماً.
يقول دبلوماسي أوروبي ان مجرد العودة الى صفقة 2015 قد لا تكون كافية، ويشير منتقدو الصفقة الى حقيقة انها لا تتضمن جوانب أخرى مثل نشاطات إيران العسكرية اللانووية. لكن نوريبور يقول إن هذا الجانب يجب ان يكون جزءاً من محادثات اخرى منفصلة، ويضيف: «سوف تترتب علينا معالجة هذه الشؤون جميعاً، ولكني لا اتصور امكانية القيام بذلك ضمن اطار واحد.»  
صرح «جوسيب بوريل» كبير مسؤولي السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي مؤخراً بأن أوروبا قلقة جداً من الخطوات التي أقدمت عليها إيران خلال السنتين الأخيرتين، ولكنه عاد ليؤكد التزام الاتحاد الأوروبي القوي بالصفقة ولم ينكر التبعات التي تسبب بها انسحاب الولايات المتحدة منها.
بيد أن قدرة أوروبا على التشاور مع ادارة بايدن كانت مكبلة قبل توليه المنصب بسبب «قانون لوغان» الذي يسقط الشرعية عن أي مفاوضات تجرى بين حكومات اجنبية وفريق الحكومة الانتقالية، لذا لم يكن امام تلك الدول في المرحلة السابقة سوى محاولة الاستنتاج من التصريحات العلنية.
في شهر أيلول الماضي قال بايدن، عبر قناة «سي أن أن»، ان سياسة إدارة ترامب تجاه إيران كانت «خطأ جسيماً»، كما كتب في موضع آخر أنه سيعرض على طهران طريقاً صادقاً يعيدها الى نهج الدبلوماسية». وصرح بوريل أن الاتحاد الأوروبي يرحب بتصريحات بايدن الإيجابية ويتطلع للعمل مع الإدارة الأميركية المقبلة.
بيد أن العودة الى الصفقة سوف تكون موضع معارضة قوية من قبل حلفاء الولايات المتحدة ومن بينهم اسرائيل، وتفيد وسائل الاعلام في اسرائيل أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو قد حشد فريقاً دبلوماسياً سيكون على رأسه رئيس وكالة المخابرات الاسرائيلية «الموساد» لثني بايدن عن التجاوب اكثر مما ينبغي مع الموقف الأوروبي. خطاب اسرائيل العسكري المتصاعد عامل آخر يشغل بال أوروبا، وهو عامل قد يفتح صندوق باندورا، كما يقول جيرنمايا.
 
 لوفداي موريس وإيرين كاننغهام/ عن صحيفة «واشنطن بوست»