أخماتوفا: أصبحت مقتنعة أن الدخان والشهرة يرجعان لجوهر واحد ..الشاعر لا تستطيع الأخذ منه ولا يُضاف له شيء

ثقافة 2021/01/25
...

ترجمة: مهند الكوفيّ
أنى لنا أن نعرف، من تلك الشاعرة التي تركت في كل بيت روسي جملة من أشعارها؟ أنى لنا أن نعرف، مدى عبقريتها وهي امرأة؟ أنى لنا أن نعرف تلك المرأة التي وضعت النظام الذي يحكم جدلية الصراع بين الشعراء؟ أنى لنا أن نعرف أن لجنكيزخان حفيدة تمسكت بوصية جدها في الغزوات، حتى وصلت إلى بغداد والشام ومصر عبر أشعارها؟ بها عرفتها وهي دللتني عليها ودعتني لها. 
كتبت آنا أخماتوفا المولودة عام 1889، أنها ولدت في العام نفسه الذي شيد فيه (برج إيفل)!. بالقرب من أوديسا، لأسرة امبريالية. كتبت أيضا: أطلقوا عليّ اسم آنا، تيمنًا بجدتي آنا موتوفيلوفا، أميرة التتار أخماتوفا، وهي الامتداد الطبيعي لجنكيزخان. اخترت هذه الاسم، لأن الشِّعر بالنسبة إلى النساء عار لا مناص منه. تعلمت آنا اللغة الفرنسية، وكتبت الشِّعر في سن الحادية عشرة.دعاها الكاتب نيكولاي جوميلوف إلى باريس، ونشر أولى قصائدها بعنوان"هناك حلقات لامعة على معضدها" في مجلة سيريوسف الفرنسية. عام 1912 أصدرت أولى مجموعاتها "المساء" وقبل نشوب الحرب العالمية الأولى، أصدرت مجموعتها الثانية "الغرق". ونشرت مجموعتها الثالثة "القطيع الأبيض" عام 1917. ترجمت قصائدها لأغلب لغات العالم. ورُشحت آنا أخماتوفا لأكثر من مرة لجائزة نوبل، لكن سياسة الاتحاد السوفيتي آنذاك، حالتمن دون الحصول عليها. في آذار 1966 توفيت ودفنت في مقبرة "كاتدرائية نيكولسكي البحرية" في لينينغراد (سانت بطرسبورغ). أدناه آخر مقابلة مع الشاعرة الروسية آنا أخماتوفا:
* ما يعني لكِ آخر الطريق؟
- لا أؤمن بأنه أمر لا مفر منه.
* كيف يمكن تقديمك؟
- أنا شاعرة، الشاعر لا تستطيع الأخذ منه، ولا يضاف له شيء.
* ما هو الإبداع؟
- القصيدة، حتى القصيدة العظيمة، لا تسعد شاعرها. سر الشعر إلهامه وعمقه، حتى وإن لم يفهمه الآخر.
* هل ستتغير الحياة نحو
 الأفضل؟
- الأمر مخيف لدرجة لا أستطيع القول، لكن الناس لا يسمعون إلا ما يريدون، ويرون ما يريدون رؤيته، هذه خاصية بشرية طبيعية، لكنها مخيفة، لأنها من الشائعات الوحشية والسمعة الكاذبة وأقوال شعبية مقدسة. كل من يختلف معي، عليه أن يقرأ بتمعن ما كتبته لهم.
* أنت شخصية مشهورة، ما شعورك تجاه الشهرة؟
- الشهرة: فخ.. إذ لا فرح ولا نور. الشهرة تعني أنك مملوك للجميع. تصيرك قماشا يمكن للجميع استخدامه والتخلص منه بسهولة. المجد الدنيوي، مثل الدخان!، كنت في مجد عظيم، وعانيت من عار هذه التهمة البشعة. أصبحت مقتنعة، أن الدخان والشهرة يرجعان لجوهر واحد.
* الكثير من الناس معزولون باستمرار، منهم من يرى العزلة سعادة، والآخرون يرونها تعاسة. ما رأيكِ أنتِ؟
- هناك العزلة والوحدة، إنهم يبحثون عن العزلة ويهربون من الوحدة، إنهم لا يفرقون بينهما. تجلس في غرفتك ولا أحد يتصل بك، لا أحد يشاركك عملية التنفس، لا أحد ينتظرك حين عودتك، هذه هي الوحدة. أما العزلة، فخيار نستخدمه أينما تواجدنا في الأسواق في السجون في مناسبات الشعر في الذات.
* هل نجح الأدب الكلاسيكي في روسيا في إيصال رسالته؟
- أغلب الناس لا يقرؤون الأدب الكلاسيكي بالشكل المطلوب، لأنهم يرونهُ أدبا متأخرا عن الحياة العصرية، مؤمنون بأنه لا يجيب عن الأسئلة الملحة المتعلقة بالحياة الروسية الجديدة. 
* ما الحياة وما علمتكِ؟
- تعلمت أن أعيش ببساطة وحكمة، وأن أنظر إلى السماء وأدعو الله، وأن أتجول قبل المساء بوقت طويل كي أتعب وأتخلص من القلق الذي لا داعي منهُ.
* أأحببتِ بلا مقابل؟
- أنتَ رسالتي،
لا تنهرْ! حتى تقرأ نفسك إلى النهاية.
يا صديقي: اقرأها كي تعرف؛ 
إنك سئمتني بلا تعارف، بلا مقابل.
وأنا الآثار الغريبة، في طريقك الممتلئ بالخطوات.
* ما العلاقة العاطفية بالنسبة لكِ؟
- لا يمكن الخلط بين الرقة وأي شي آخر. الهدوء المبعثر الجميل يعطي اليقين دائما.
* ما رأيك بفكرة الموت؟
- من الغريب أن نخاف من الموت! رغم وجود الكثير من الأشياء، أسوأ من الموت وفكرته، يجب أن نخافها. 
 
المصدر:
- أفيتش ايفانوف، مقابلة مع آنا أخماتوفا.
- تشوكوفسكايا، ملاحظات حول آنا أخماتوفا.