كاظم الحسن
ليست هنالك قضية شغلت العالم في عهد الرئيس ترامب أكثر من الملف النووي الإيراني بعد تنصله وانسحابه من الاتفاق، الذي أبرمه الرئيس السابق باراك اوباما مع ايران وعرف باسم الاتفاق النووي، بين ايران ومجموعة (5 + 1) والتي حاولت الدول الأخرى، عدا اميركا الإبقاء عليه قدر ماتستطيع، لحين قدوم ادارة جديدة، لتعود الى ماكان عليه الاتفاق السابق ولكن معطيات جديدة ظهرت، كبلت الادارة الأميركية الحالية الكثير من القيود الصعبة، بحيث يتعذر على بايدن العودة الى سابق عهد الاتفاق، ومن هذه الملفات المستحدثة في عهد ترامب هي ملف الصواريخ البالستية والنفوذ الايراني بالمنطقة، فضلا عن دخول دول الخليج بالمفاوضات، ومن المحتمل ان تكون اسرائيل، طرفا في المفاوضات مع ايران، اعتقد هذه الشروط والقيود التعجيزية، لايمكن لإيران ان تقبل بها وسوف يكون لإيران موقف اكثر تصلبا، ردا على هذه المواقف المتطرفة، بعد الانتخابات الإيرانية في حزيران من العام الحالي وهو ما يعقد الاوضاع أكثر من السابق، ما لم تظهر تطمينات من قبل الولايات المتحدة الأميركية على مستوى الادا رة الحالية او الكونغرس، لكي يظهر شيء من المرونة اللازمة للتنفيس عن التشنج والاحتقان،الذي يحيط بالملف النووي الايراني والعلاقات المأزومة بين الطرفين، التي يشوبها التهديد والوعيد وحالات الشد والجذب بين الولايات المتحدة الاميركية وايران، والتي رافقها العديد من حالات الاغتيالات لشخصيات قيادية في ايران، واظهرت الأخيرة المزيد من ضبط الاعصاب والصبر الستراتيجي، لكي تتفادى الصدام والتصعيد، وسبق ذلك عقوبات اقتصادية خانقة، ادت الى المزيد من الازمات الاجتماعية والاقتصادية وتدهور مستوى المعيشة في
إيران .
وربما أميركا كانت تعول على قيام انتفاضة شعبية، تحرج ايران وتسبب المزيد من القلاقل والفوضى، ولكن هذه المحاولات لم تجد نفعا، اي ان الاوراق اصبحت مكشوفة تماما، واستنفدت الولايات المتحدة كل ما في جعبتها من اساليب قاهرة، لتمرير اجندتها وفرض ارادتها، حتى لو كان الامر بمعزل عن حلفائها، وهو ماقامت به ادارة ترامب في عهدها السابق، ضمن سياسة انغلاقية تعرف أميركا اولا، ولانعرف مدى ضرر هكذا توجه مع مسؤوليتها كدولة كبرى لديها التزامات عالمية، توجب ان تكون حاضرة كجهد عالمي في احلال السلام في العالم وليس من خلال سياسة انعزالية تعتمد القوة والعقوبات في فرض النمط السياسي الذي تريده، وهو لا يتفق مع رؤية بايدن للمشهد العالمي، والذي بدأ بسلسلة قرارات تنفيذية في ايامه الاولة في الحكم، وهي الغاء قرارات ترامب وكأن الاخير كان يدرك هذا الحدث فقرر عدم حضور حفل تنصيب
بايدن.