نوزاد حسن
في الاسبوع الماضي كتبت عن قضية شغلت الرأي الهولندي والرأي العام العالمي ايضا، وحاولت أن اكشف من خلال حديثي عن استقالة الحكومة الهولندية الفارق الكبير بين مسؤول يعرف كيف يعترف بخطئه ويعتذر، وبين مسؤول تعود ان يتحدث عن الفساد، من دون ان يكون لكلامه اية نتائج على ارض الواقع.
كتبت عن ذلك وانا احسد الشعب الهولندي الذي يملك حكومة بهذا الوعي، ويملك رقابة حقيقية، اذ ان قطع الاعانات عن أسر من اصول غير هولندية صار جريمة اخلاقية كبيرة، وكانت النتيجة ان قدم رئيس الحكومة مارك روتي استقالة حكومته للملكة.
كتبت ذلك قبل يوم واحد، ثم فوجئت كما فوجئ العراقيون بالتفجير الارهابي، الذي حصد 32 شهيدا وعددا كبيرا من الجرحى، كلهم من اصحاب البسطات، لم تكن بين ما قلته يوم الاربعاء الماضي وبين الانفجار الا ساعات معدودة، فكان يوم الخميس داميا، هل نسينا ايام الاسبوع الدامية؟ يبدو ان صورة الدم عادت الينا من جديد، وبقسوة اكبر.
بلا شك كانت الصور مروعة، وتفجر غضب الناس على الوضع السياسي كله، وفي خضم ذلك الانفعال برزت صورة شابين استشهدا في ذلك التفجير الارهابي، شابان قبلا ان يعملا على الرصيف في دولة نفطية لا تعرف كيف توزع العدالة بين ابنائها.
علي وعمر شابان حين رأيت صورتهما في مواقع التواصل الاجتماعي تذكرت المعاناة الكبيرة التي يلاقيها الآباء في تربية ابنائهم، وسط هذه الظروف التي تحيط بنا، كفاح حقيقي صعب يطحن الأب الى حد تكسير العظام، وكنت اقول دائما إن الاباء في بلدي، هم ابطال لا يختلفون عن ابطال الملاحم اليونانية، انهم يقدمون كل شيء لأولادهم، وبعد ذلك تفقد الأسرة بضربة خاطفة شابين يعيلان أسرة كبيرة، فكيف سيكون رد فعل الأسرة التي تواجه مثل هذا الموت العبثي، لكن السياسة وحرب المصالح والامتيازات لها الكلمة الاولى والاخيرة.
دعوني أطرح هذا التساؤل: هل يتناسب الرد الحكومي الرسمي مع الحادث المفجع الذي اعاد لذاكرة الناس الايام السود الغابرة؟ سيقال تم تغيير بعض القادة الأمنيين، نعم هذا حصل لكن هل سيترك هذا الحادث آثاره في تفكير السياسيين، حتى نشهد سلوكا سياسيا مختلفا؟ اظنني اتحدث عن غيب لا أحد يعرف متى يتحقق؟.