التنمية البشرية وأهميتها في مجتمعنا

آراء 2021/01/26
...

  عماد جاسم*

يستسهل البعض الخوض في غمار تنمية الذات البشرية ومحاولة تشجيع القدرات نحو تجاوز الصعاب وتنمية العزيمة، باتجاه العمل الانساني النفعي، مسترشدين بذلك إلى ما يشاع من ملاحظات عامة حول مفهوم التنمية البشرية، التي تعد تقليدا او مخرجا او مقاربة شعوبية إلى ما يسمى بعلم النفس الإيجابي، الذي ذاع صيته وانتشر عالميا في العقود الأخيرة، استنادا إلى تجارب العالم  ماسلو الذي وضع هدف تحقيق الذات في قمة هرم الحاجات الإنسانية، بعد الاكتفاء البايولوجي والأمان الإنساني، ويعد ايضا مارتن سليغمان مؤسس علم النفس الإيجابي وأحد كبار رواده على صعيد النظرية والتطبيق، موجها عنايته إلى حسن الحال النفسي والوجود وبناء الاقتدار الشخصي والمؤسسي، إذ أن قاعدة الهرم الحياة السارة، من خلال فرص تقويمية في اكتشاف الإمكانات وتعزيزها، وهي قد لا تكون منظورة، هذه الإيجابيات تفتح سبل النماء والبناء حتى في أشد الحالات سلبية وأسوأ الأزمات، ذلك أن للاقتدار  الإنساني مكونات بالإمكان تعلمها وتفعيلها، ابرزها الفاعلية الذاتية والجماعية، تلك الثقة الداخلية بالقدرة على الفعل ويصاحبها الذكاء العاطفي والمرونة الاستيعابية، لذا توجب فهم آليات البحث عن الامكانيات التطويرية للذات والمجتمع بمعزل عن النصائح المجانية التي تجتر اليوم في صالونات التنمية المجتمعية، ذات الجمل الشفاهية الجاهزة والاعتماد على البلاغة الكلامية العاجزة عن اقتفاء العمق المطلوب في علم النفس المعرفي، والذي يتطلب دراسة جوهرية للتجارب الذاتية للفرد وعلاقته التجسيرية 
بالمجتمع.
ومن هذا المبدأ يتطلب من المؤسسات الثقافية والتربوية العمل التضامني لتكريس جهودها نحو دراسة النجاحات الهائلة في هذا المضمار في الدول المتقدمة المهتمة بستراتيجيات النهوض الجمعي، من خلال احترام العمل الفردي وخلق بيئة فهم مشترك لمعوقات الفرد والمجتمع نفسيا واجتماعيا، بعد اخضاع خطط الاصلاح لمشرط التحليل السايكولوجي وتدريب المؤسسات الحكومية على اقتفاء الاثر الجمالي والتنموي الذي يحقق خطوة باتجاه العمل المشترك ذي النفع العام اي الانطلاق من مشكلات الافراد في مجتمعات متأزمة الى مشكلات مجتمعية، نتيجة احباطات فردية، لتكون البرامح الاصلاحية المعدة ساندة لعمل المجتمع المدني بجميع حقولها المعرفية، التي تقف على ركائز البحوث المعرفية الواقية من معضلة التفكير الشعبوي هو النظرة السطحية للواقع
 المعاش .
 
* وكيل وزارة الثقافة