في فرنسا.. الديك بوسعه أنْ يصيح

الصفحة الاخيرة 2021/01/26
...

أورليين بريدن

ترجمة: أنيس الصفار   

 
 
 
صوت صياح الديك مع ناقوس الكنيسة فجراً .. صوت الجرار الزراعي مع الروائح التي يحملها الهواء من اسطبل قريب.. صرير حشرات السيكادا ونقيق الضفادع ليلاً.. اصوات البط وثغاء الخراف وحمار ينهق.. أصوات الريف هذه كلها أصبحت تنعم بحماية القانون بعد أن مرر المشرعون الفرنسيون مؤخراً قانوناً لحماية ما أسموه «التراث الحسي الريفي» بعد أن كثرت المشاحنات بين الجيران في ارياف فرنسا ومعظمها بسبب الضجيج الذي تصدره الحيوانات.
أخذت هذه الخلافات بالتصاعد في فرنسا، المعتزة بجذورها الريفية، بين المستجمين من سكان المدن وقاطني الارياف الأصليين في أعقاب وباء كورونا وسلسلة الاغلاقات الشاملة. يقول الوزير المسؤول: «الحياة في الريف تعني ضرورة تقبل بعض المزعجات، إذ من الوهم ان نصطنع ريفاً مثالياً يجسد صورة الكمال والهدوء السماوي كما نتخيله».لعل أشهر حادثة لدينا هي قضية الديك «موريس» الذي يقطن جزيرة قبالة الساحل الفرنسي الغربي. فقد أقام جيران صاحبة الديك، وهم من سكان المدينة المستجمين، دعوى قضائية عليها بسبب صياح ديكها العالي. عندئذ هب السياسيون وآلاف المعترضين للدفاع عن ديك الغال «موريس»، وأخيراً قضت المحكمة في 2019 بأن «موريس» كان يمارس حقه ولم يتجاوزه. مات موريس قبل ست سنوات وأودع الثرى بكامل الوقار والتقدير.
يقول احد المشرعين في مجلس الشيوخ الفرنسي: «أريافنا ليست مناظراً فقط، بل هي أيضاً أصوات وروائح ونشاطات وممارسات، وهذا جزء من تراثنا». أقر القانون الجديد وحفظت للريف حقوقه، ولكن الأمر ليس مطلقاً بلا حدود، فللمستجمين الوافدين ايضاً حقوق تراعى والقانون يوازن بين الطرفين، غير أن التراث الريفي بأصواته وروائحه سيبقى محفوظاً. رحل «موريس» قبل أن يرى هذا القانون ولكن وريثه «موريس الثاني» يستطيع الان أن يطلق عقيرته ويصيح ملء رئتيه والقانون معه.
 
عن صحيفة «واشنطن بوست»