ضوء على قانون أسس تعادل الشهادات

آراء 2021/01/27
...

   المحامية آية خزعل 

نشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4608 قانون اسس تعادل الشهادات والدرجات العلمية العربية والاجنبية بالرقم 20 لسنة 2020، الذي أثار جدلا كبيرا في الآونة الأخيرة، بين مؤيد له ومعارض، تتصدر قائمة المعترضين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، التي اصدرت بدورها بيانا في 29 تشرين الاول 2020 سجلت فيه تحفظها على طريقة تمريره  وعبرت عن قلقها من بعض المواد الواردة في متن القانون.  والتي  لا تؤسس على حد قولها  سياقا رصينا لمؤسسات الدولة، فضلا عن هفوة الفلسفة العلمية المسؤولة عن تقييم الشهادات ومعادلتها، كما واتخذ الموقف الرافض نفسة الكثير من النخب والاكاديميين العراقيين، كشبكة العلماء العراقيين في الخارج ونقابة الأكاديميين العراقيين، بالمقابل نجد ان هناك الكثير ممن رحب بتشريع هذا القانون واعتبره مواكبا للتطور الحاصل في الوقت الحاضر، وبديلا عن النصوص الجامدة في تعليمات رقم 5 لسنة 1976، بينت الأسباب الموجبة الغاية من تشريع القانون هو تعزيز  مركز التعليم، كونه عاملا أساسيا لتقدم المجتمع، والحث للحصول على الشهادات العليا مع الحفاظ على الرصانة العلمية وتبسيط اجراءات معادلة وكفالة حق الاعتراض والتظلم على قرارات التقييم والمعادلة، وبالنظر الى نصوص القانون الجديد نجدها جاءت مقاربة الى حد ما مع نصوص التعليمات رقم 5 لسنة 1976 الخاصة بأسس التعادل للشهادات والدرجات العلمية الملغية بنص المادة 13 الفقرة (ثالثا ) من القانون رقم 20 لسنة 2020، مع بعض الاختلاف في المواد والفقرات التي اثارت الجدل.
 فجاءت المادة الثانية من القانون اعلاه لبيان الجهات التي لها الصلاحية بمعادلة الشهادة، فبينت في فقرتها الاولى بحصر مهمة معادلة الشهادات بقسم، وتكون مهمته معادلة تلك الشهادات وتثبيتها وتحديد المدة الصغرى لها، كما واعطت الصلاحية لأمانة مجلس الوزراء بمعادلة الشهادات الصادرة عن معهد التطوير البرلماني، كما واعطى المشرّع صلاحيات جديدة لبعض الجهات الوارد ذكرها في المادة الثانية من تعليمات رقم 5 لسنة 1967، اذ تقوم وزارة التربية بمعادلة الشهادات الصادرة عن كلية التربية المفتوحة بعد ما كان دورها مقتصرا على معادلة الشهادات المرحلة الثانوية والتي تسبقها، فجاء الاعتراض على المادة الثانية من القانون الجديد، بسبب تعدد الجهات التي تعادل الشهادات، فقد يكون سببا لكثرة الآراء والاجتهادات الشخصية غير المستندة الى أسس علمية، بالمقابل نجد أن تعدد الجهات قد يكون باباً لتسهيل المعاملاتن وتقليل الجهد والوقت المهدور، وكان الاجدر تحديد تعليمات عامة تصدر عن وزارة التعليم تكون اساسا تعود اليه لمعادلة الشهادات، فيكون تعدد الجهات ايجابية في القانون لتوزيع الصلاحيات والمهام.
 اما المادة (3) فنصت على تأليف قسم كما ذكرنا سابقا من عدة شعب تمثل الاختصاصات الاساسية المختلفة، تنحصر مهام الشعبة عند اجراء عمليتي المعادلة والتقييم للشهادة للتأكد من استيفائها للجوانب الاجرائية، ولا يمتد ذلك الى مناقشة الجوانب العلمية لمضامين الرسائل والإطاريح باستثناء موضوع السلامة الفكرية، فقد اثارت المادة الثالثة من حفيظة الكثير وبينت شبكة العلماء العراقيين في الخارج عن استنكارها لإهمال فلسفة الاعتراف، المبنية على قيمة العلمية ومحتوى الشهادة المراد معادلتها، وذلك بحصر التعادل بالأمور الاجرائية فقط، كما واضافت الفقرة الخامسة من المادة الثالثة تساؤلا كبيرا، حين حددت مدة اقصاها( 45) لاستكمال اجراءات المعادلة من تاريخ تقديم الطلب، وسكتت عن الاجراء التالي بعد انتهاء هذه المدة، فهل تعد الشهادة معادلة بانتهاء هذه المدة، ام هناك اجراء يجب ان يتبع بعد ذلك، فما الفائدة من تحديد مدة معينة، من دون ذكر الإجراء الذي يلي انتهاءها، كما اثارت مدة الاقامة التي بينتها المادة السادسة  الفقرة رابعا جدلا واسعة، فنصت على أن (تكون مدة الاقامة لدراسة الماجستير او الدكتوراه (غير البحثية) خارج العراق(4) اربعة اشهر منفصلة او متصلة بالنسبة للدراسات النظرية.
اما بالنسبة للدراسات التي تحتاج للعمل المختبري او التطبيقي، فتكون مدة الاقامة (6) ستة اشهر منفصلة او متصلة) بينما كانت في المادة السادسة من التعليمات الملغية، تنص على ألا تقل اقامة الطالب لغرض الدراسة في بلد الجامعة المانحة عن المدة المقررة لدراسة الدبلوم العالي وعن مدة مجموعها سنة دراسية واحدة للماجستير او للدكتوراه بعد الماجستير او سنتين دراسيتين للدكتوراه بعد الجامعية الاولية او الاولية العالية، فنستطيع ان نقول في هذه الحالة ان القانون الجديد، قد اخذ بعين الاعتبار مشقة السفر والجهد وإمكانية اخذ الاجازات بالنسبة للطالب الموظف والمكلف بخدمة عامة بعين الاعتبار، فسهل الاجراءات لتبديد عقبة من العقبات التي كانت تحول دون اكمال المشوار الدراسي.
 كما حذفت المادة السابعة عدم الاعتراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالدراسة عن طريق المراسلة والانتساب، اذ تعد هذه الالتفاتة التشريعية مواكبة للتطورات التي طرأت في الوقت الحاضر، خاصة في حالة توقف السفر مع  بعض الدول والحيلولة دون وصول الطلبة للدراسة، كما وتجدر الاشارة الى طريقة التظلم والطعن ومدة الاعتراضات الواردة بالمادة التاسعة، في حالة رفض طالب معادلة الشهادة وما أخذ به التشريع الجديد، خلافاً لما جاء بالتعليمات الملغية، فالمادة العاشرة من هذه التعليمات اشترطت لطالب الاعتراض ان يقدم للوزير أو من يخوله خلال مدة اقصاها 3 اشهر من تاريخ صدور قرار رفض تعادل الشهادة، ولا يجوز الاعتراض بعد هذه المدة، الا اذا قدم المعترض ادلة جديدة و مستمسكات لم يسبق له تقديمها من قبل، ولا يجوز الاعتراض مرة اخرى على القرار الجديد، مهما كان السبب اما المادة التاسعة من قانون رقم 20 لسنة 2020 ، فقد بينت لصاحب الطلب للتظلم لدى الوزير او المدير العام  خلال (90) تسعين يوما من تاريخ صدوره، كما مددت المدة  اذا قدم ادلة ثبوتية او مبررات جديدة ومستمسكات رسمية لم يسبق تقديمها خلال مدة لا تزيد عن خمس سنوات، كما له الحق بالطعن بقرار التظلم والاعتراض امام محكمة القضاء الاداري خلال (60) يوما من تاريخ تبليغه، وبعد هذا كله اعطت المادة(11) للوزير صلاحية الموافقة على معادلة وتقييم الشهادات غير مستوفية لشرط الاقامة المنصوص عليها في هذا القانون، اذا توفرت أسباب مبررة منعت الطالب من اكمال المدة المذكورة في هذا القانون، فيؤخذ على المادة(11) بأنها مادة مرنة فضفاضة، وكان الاجدر تحديد الحالات على سبيل الحصر، لأن هذه المادة تعد استثناء ولا يجوز التوسع بالاستثناء. 
وخير ما فعل المشرّع في المادة (13). 
حيث منح الحق بإعادة النظر بطلبات معادلة الشهادات السابقة، التي تم رفضها او لم يتم البت فيها على أن يقدم طلبا خلال مدة لا تزيد عن سنة من تاريخ نفاذ هذا القانون، كما وأعطت الحق بمعادلة شهادات الموظفين الحاصلين على شهادة اولية والعليا، من دون اجازة دراسية او من دون موافقة دوائرهم ويتم احتسابها لأغراض العلاوة والترفيع والتقاعد، شرط حصولهم عليها قبل نفاذ هذا القانون، في الختام وعلى الرغم كل الانتقادات التي وجهت لهذا القانون، نجده قد سهل للراغبين بإكمال دراستهم وخاصة الموظف والمكلف بخدمة عامة بمعادلة شهاداتهم بإجراءات اقل تعقيداً من سابقتها وتقليل المدة الاقامة بما يتناسب مع ظرف الموظف وجعلها متصلة او منفصلة والموافقة على الدراسة اثناء الوظيفة، سواء كان بإجازة دراسية او على النفقة الخاصة بصرف النظر عن العمر والكثير من الايجابيات، ولا يخفى ان الغرض من تشريع اي قانون هو الحاجة الماسة له، اضافة الى ان القوانين والتشريعات القديمة لا تواكب في بعض الاحيان الحراك العلمي والرغبة في تطور الذات في المجتمع واستكمال مسيرتهم العلمية، بحصوله على الشهادات الاولية والعليا، لتحسين مركزهم الثقافي والعلمي، ومن ثمّ ما يعكس إثارة على المجتمع بشكل عام، فاذا ما عدلت بعض المواد والفقرات، التي اثارت الجدل سيكون طفرةً نوعية لكثير ممن تعسر عليهم الحصول على الشهادة ومعادلتها.