جريمة التشهير والقذف

آراء 2021/01/31
...

  بشير خزعل

تتلقى المحاكم العراقية عشرات الدعاوى الخاصة بجرائم القذف والتشهير يوميا، فمواقع التواصل الاجتماعي اصبح العديد منها مخصصا لأغراض دعائية، هدفها الانتقاص من الاخرين او من اجل عمليات الابتزاز المالي،  بينما يرى آخرون أنها وسيلة مثالية لكشف الحقائق وعمليات الفساد، قضاة متخصصون بالشأن الجزائي لفتوا الى صعوبة وضع حد لهذه الجرائم، لكون تلك المواقع متاحة للجميع ‏ومتنوعة، الامر الذي يدعوا الى ضرورة اجراء تعديل على المواد الخاصة بقضايا النشر، فقانون ‏العقوبات النافذ والخاص لمثل هذه القضايا شرع في عام 1969 وهي مدة طويلة لا تواكب ‏التطور التكنولوجي الحالي، التعبير عن الرأي او ‏الانتقاد عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا يعتبر قذفا او تشهيرا الا اذا كان قد بني على ‏المساس بالشخص دون وجه حق ومخالف لقواعد التعبير عن الرأي وتجاوز حدود الاخلاق ‏والاداب الاجتماعية المتعارف عليها، إذ لا بد ان يكون الطرح والانتقاد من اجل المصلحة العامة، لكن جهل البعض او بسبب ثقافتهم المتواضعة أشيعت بين فئات اجتماعية كثيرة ان مواقع التواصل الاجتماعي هي مجال متاح للتشهير بالناس والتطاول على خصوصايتهم، عندما شرع قانون العقوبات في عام 1969، لم يكن هناك انترنت ولا منصات الكترونية، انما فقط الصحف وهي لم تكن في متناول الجميع، كما ان القيم الاجتماعية والعادات والتقاليد كانت تفرض سطوتها، ولم يكن شائعا التشهير والتلفيق، مثلما نرى في يومنا هذا، المشكلات الناجمة عن هذه الظاهرة أصبحت بحاجة ‏ملحة  لتعديل المواد الخاصة بدعاوى القذف والتشهير،  حرية الرأي والتعبير حق كفله الدستور وفق المادة ‏‏38 منه  وهذا الحق يعطي للمواطن حرية الانتقاد للحالات العامة المعروفة والشخصيات ‏العامة، من دون قصد التشهير او الاساءة او المساس بالأمور الشخصية للشخص المقصود او الفرد ‏وأسره، من دون دليل مؤكد، أي بمعنى أن يكون الانتقاد بنّاءً هدفه تسليط الضوء على الظواهر ‏السلبية، من دون أن يكون بقصد الاساءة او التشهير فقط، وربما اصبح استغلال الثغرات القانونية ثقافة جديدة لدى البعض ليوسع من حجم استغلال الاراء والانتقادات، كدعاوى تشهير، خصوصا مع وجود تعويض مالي يسعى له بعض المستغلين لمثل هذه الظواهر، لذلك على المختصين بشؤون القانون أن يجدوا حلولا مقنعة ومنصفة، لا تتجاوز على حرية التعبير، الذي يحترم خصوصيات الآخرين واسرارهم الشخصية والتفريق بينهم وبين أصحاب منصات التشهير وتشويه سمعة الاخرين، بلا خلط او اشتباه يعطي مجالا للإفلات من عقوبة القانون .