صورة المرأة في الاغنية

الصفحة الاخيرة 2021/02/01
...

سامر المشعل 
اتسمت صورة المرأة في الغناء القديم منذ نصف قرن ويزيد، بالحشمة والحياء واستخدام ارق عبارات الغزل الشفاف في لغة الخطاب الغنائي، وتشبيه المرأة بألوان الورود مثل النرجس والبنفسج، وعطرها بالقداح والمسك والعنبر، لكن الصورة تغيرت تماما في السنوات الاخيرة، وأصبحت توصم بالخيانة والغدر وتشبه بالحية والعقربة، فهل فقدت المرأة براءتها وحياءها عبر مسيرتها التاريخية واصبحت اكثر عدوانية ووحشية ومصدرا للخيانة والشر؟ ام ان القائمين على انتاج الاغاني صبوا جام غضبهم على المرأة، اظهروا الجانب السلبي واخفوا الجانب الايجابي؟ وبالتالي اساؤوا للمرأة وشوهوا صورتها من خلال الاغنية التي يفترض ان تكون اسمى لغة خطاب روحي ووجداني.
واذا القينا نظرة فاحصة على مكانة المرأة وصورتها عبر الاغنية، بين الغناء القديم والحديث نجد مقارنة مختلة في ميزان التعبير والوصف!.
اليكم نماذج من الغناء القديم : «ريحة الورد ولون العنبر بخدودك ياحبيبي الاسمر» للمطرب ناظم الغزالي «وردة سقيتها من دمع العيون» للمطرب الريفي عبد محمد «العين سودة والحواجب حراس وخدوده حلوه بالورد ما تنقاس» للمطرب حضيري ابو عزيز «ياطعم يا ليلة من ليل البنفسج» للمطرب ياس خضر «شفت دجلة وفي مثلك يفيض بخير الي ولاجلك» للمطرب فاضل عواد «فتح المشمش وأنت من قداحه، فتح بخدك وجنتك تفاحه» للمطرب سعدون جابر «اطشن ورد من تجزي» للمطرب رياض احمد وغيرها من الاغاني التي تكشف عن جمال ورقة وعذوبة ونقاء ووفاء المرأة.
على العكس مما نجده بالاغاني الحديثة ومنها: «اذا خليتج بالي اكسره لخشمك العالي»، لحسام الرسام، «الي حبيته طلع يضحك عليه» لجعفر الغزال «اريد اخون واريد اشوف طعمك يالخيانة حتى لو حلو اعيدها» لرنا وليد «فدوه علمني ارد اخون، ظلت بنفسي الخيانة» لحسين الاهوازي «اني شبيه معاشر حيه، كلما أمن تغدر بيه»  ليوسف الصميدعي، وهناك اغان نأنف عن ذكرها أو سماعها امام ابنائنا لانها عبارة عن سموم تلوث الاسماع.
ليس دفاعا عن المرأة، وانما هذه السوداوية والتهكمية والشكوى من خيانة وغدر المرأة تكشف عن عقد نفسية مستحكمة بالقائمين على انتاج الاغنية بنرجسية عالية وفحولة زائفة وتسلط ذكوري تبث على الدوام خطابها الغنائي، برسائل تسهم بتفتيت القيم الروحية والجمالية والانسانية والاخلاقية لطبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة، وتكشف بذات الوقت عن تصحر فكري وثقافي في تجسيد علاقة الحب بين الجنسين شعرا ولحنا وغناء.الطامة الكبرى ان الشاعر أو المغني، بدلا من ان يعبر عن المشاعر الانسانية للمجتمع، أخذ ينقل الاجواء الشاذة من علب الليل والملاهي ويعمم ذلك غنائياً على المجتمع.