حسين الذكر
التغريب ليس تعريفا للتعاطي مع التقنيات العلمية اينما كان مصدرها، بل هو استغراق في نزع الهوية وتشتت الذات ومسخ برمجة الانسان البيئية والتاريخية، بما يجعل منه صورة مشوهة للحاضر والمستقبل.
فلا يمكن استنساخ البيئة والمجتمع ارثا وتاريخا، فضلا عن الضمير والوجدان، ثمة فارق جلي عصي التطبيق حد الاستنتاج، فمن أراد برمجة واقع ما، عليه ان ينطلق من ذاته لتحقيق ومعالجة ذاته، اما صور الاخر مهما بدت زخرفية او بهية، لا يمكن احالتها أنموذجا عن عدم شرعية غطائيتها لاختلاف الوقائع، من هنا علينا قراءة ما يحدث بصورة تختلف عما يراد ورسم لنا، فتكبيل العقل وقوقعة الأجيال وقتل مكامن الابداع وتكبيل وحرف العربات، حتما سيأتي بمخاض مأساوي لا يرضي محترفا ولا هاويا.
سمعت صبيين بعمر الورود يتحدثان عن لعبة البوبجي، تحدثا في ما بينهما بضحك وتنافس وطيش وربما بعفوية وبراءة، فجرى الحوار التالي بيننا: كم عمركما؟
- الأول 11 سنة خامس ابتدائي، بينما الاخر13 سنة أول متوسط.
- هل تقرآن كتبكما المدرسية؟
- ضحك احدهما:- ( أي والله أقرأ بالامتحان ساعة يوميا)، اما الاخر فلم يكترث، بل امتعض وهز يديه ساخرا، كأني جرحت كبرياءه الانترنيتي.
- كم ساعة( تبوبجان) يوميا ؟
- الأول: ثلاث ساعات الصبح ومن بعد العشاء حتى الفجر، الاخر همهم( أنا نائم مع البوبجي ليل نهار، افضل من الشارع ).
- هل والداكما يتدخلان ويسألانكما؟
- الأول( والدي يصبح للعمل ولا يعود الا منهكا، يتعشى وينام ليخرج باكرا، امي نائمة مع الموبايل وتسهر أكثر مني).
- الاخر، التفت هازا يديه مصطحبا صديقه: ( دعنا نذهب، ان الفضول مرض يصيب الكبار قبل
الصغار).