نجاح العلي
تطل علينا وسائل الاعلام يوميا بالعديد من الباحثين والمتخصصين في الشأن العراقي، خاصة وان العراق بات محط اهتمام اقليمي ودولي بعد عام 2003 نظرا لاهميته الجيوسياسية، لكن الغريب أن هؤلاء الباحثين والمتخصصين الذين يدعون انهم تابعون لمراكز ابحاث وفكر مقرها العراق انهم في الحقيقة مراكز فضائية لا وجود لها ترتبط بشخصيات وأحزاب وجهات سياسية لها ميولها وتوجهاتها وايديولوجيتها ويسير في فلكها من دون أن تحيد عنه، والدليل على ما ذهبنا اليه هو ما أصدره مطلع العام الحالي مركز ابعاد للدراسات المستقبلية ومقره اسبانيا في دراسة موسوعية مرجعية وتوثيقية لمراكز الدراسات العربية، ضمت أكثر من ألف صفحة تناولت أهم مراكز الابحاث العربية ودورها في صناعة العقول في الدول العربية، وأخذ عينة من 11 مركزا بحثيا توزعت بين القاهرة وبيروت ودول المغرب العربي ودول الخليج، ولم يذكر اي اسم لمركز بحث عراقي، بالرغم من الأسماء العديدة والكثيرة لمراكز البحوث العراقية، التي مع الأسف الشديد لا تنطبق عليها شروط ومواصفات مراكز البحث والفكر لانها لا تملك موقعا الكترونيا ولا توجد لديها اصدارات او مطبوعات دورية او دراسات واستبيانات وتحليلات موضوعية.
عالميا تقاس مكانة واهمية مراكز الفكر بما تنشره من ابحاث ودراسات ومدى تاثير دراساتها في الرأي العام ومصداقيتها في تناول الأحداث والقضايا عبر تحليلاتها، وحتى تنبؤاتها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، مبنية على قراءات علمية وموضوعية، اما في العراق فأغلب هذه المراكز غير محايدة ترتبط باجندات معينة، لذلك يلاحظ ظهور ممثلوها في وسائل اعلام محددة يتناغم ما يدلون به من تصريحات مع الخطاب الاعلامي، الذي تسير عليه هذه الوسيلة، لذلك نجدهم ضيوفا دائمين عليها وقلما نجد محللا او باحثا موضوعيا، يمكن أن يؤسس مركز فكر قادرا على صناعة عقل عراقي مستنير في هذه الفترة الحساسة والمهمة، التي يمر بها العراق ونحن على اعتاب انتخابات ستجرى في شهر تشرين من العام الحالي.