مطار كركوك الدولي ضحية جديدة للمخالفات القانونية

العراق 2021/02/02
...

بغداد: هدى العزاوي
 
يبدو أن التفاؤل سيتبدد بشأن قرب افتتاح مطار كركوك الدولي والذي سيسهم بتشغيل كثير من الأيدي العاملة في المحافظة ويقوم بجذب النشاط والتجارة والاستثمارات إلى مدنها؛ فالمطار الذي كان من المفترض أن يفتتح في نهاية العام 2019، ومن ثم أجل إلى نهاية 2020، وقع ضحية مخالفات قانونية معقدة بدءاً من إحالته من قبل وزير النقل السابق كعرض لشركة منفذة لا «فرصة استثمارية»، إضافة إلى دخول محافظة كركوك على خط الاستثمار رغم أن المطار «سيادي» وليس محلياً، وانتهاءً بتريث سلطة الطيران المدني في منح المطار الموافقات الأصولية للدخول في الخدمة رغم وصول نسبة الإنجاز فيه وفق الأوراق الرسمية إلى قرابة 95 % بسبب وجود «مخالفات» ليست سهلة ولا بسيطة.

الحكاية الكاملة
عضو لجنة النزاهة النيابية، سعد الميالي، أوضح في حديث لـ»الصباح»، أنه «تم تقديم عرض لإنشاء مطار كركوك الدولي كفرصة استثمارية وبحسب كتاب مجلس الوزراء 6559 في 8 /5 /2018، إلا أن العرض أحيل بصورة مباشرة من قبل وزير النقل السابق على شركة (قمم أزمر) في 1 /8 /2018، وهذا مخالف لما جاء بتوجيه مجلس الوزراء بإحالته كفرصة استثمارية».
ما زاد من تعقد الموضوع، أضاف الميالي، أنه «صدر قرار من مجلس الوزراء بالرقم 310 لسنة 2018 بفصل (سلطة الطيران المدني) عن وزارة النقل، وبموجبه يحال مشروع مطار كركوك بالكامل الى السلطة، إلا أن ما حدث هو إحالة العقد الاستثماري بتاريخ 2 /9 /2018 على الشركة المذكورة (قمم أزمر) بتوقيع وزارة النقل من دون وجود توقيع لسلطة الطيران المدني، وهذا مخالف لقانون الطيران المدني رقم 148 المعدل، ولاحقاً تم توقيع ملحقين إضافيين (مالي وفني)».
وقال النائب الميالي: إنه «وبحسب كتاب صادر من وزارة النقل، فإن العقد تضمن عدة مخالفات مالية وقانونية، ومنها أنه تم إصدار إجازة استثمار من (هيئة استثمار كركوك) بالرقم 184 في 4 /10 /2018، وهذا أيضاً مخالف كون المطار (مشروعا سياديا) ويجب إصدار الاجازة حصرياً من (الهيئة الوطنية للاستثمار) وتم إرسال كتاب إلى الهيئة بضرورة توقف المستثمر عن العمل إلى حين تصحيح المسار المالي والقانوني».
على الرغم من المخالفات السابقة بشأن «إحالة» مشروع مطار كركوك الدولي، إلا أنه تم عقد اجتماع في الأمانة العامة لمجلس الوزراء بتاريخ 11 /7 /2019 لغرض تصحيح المسار، وتم تزويد (الشركة المستثمرة) بالملاحظات الواجب تطبيقها في المشروع، واستغرب الميالي «كأنما الأمر انتهى بتحديد هذه الشركة لغرض تنفيذ المطار، رغم المخالفات السابقة بالإحالة»، مضيفاً «تم إلغاء إجازة الاستثمار الصادرة من كركوك وتسليم نفس المستثمر إجازة استثمار أخرى صادرة من الهيئة الوطنية للاستثمار بالعدد 344 في سنة 2020 من دون مراعاة ضوابط الإعلان وتحديد شروط الاستثمار لحل الاشكال القانوني والمالي وضرورة تطبيقها خلال 90 يوماً اعتباراً من 4 /2 /2020».
وأوضح عضو لجنة النزاهة النيابية، أنه «لغرض فرض واقع حال واعتماد نفس الشركة (قمم أزمر) استمر العمل في المطار، وبتاريخ 16 /8 /2020 تم توجيه كتاب من وزارة النقل إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بضرورة إحالة أصول العقد الى سلطة الطيران المدني، وحسب كتاب محافظ كركوك تم تنفيذ المشروع وبنسبة انجاز 
95 %، في حين توجهت لجنة كشف عن العمل وثبتت ملاحظات كثيرة على الإهمال في التنفيذ».
كما دعا الميالي، «الجهات ذات العلاقة، للوقوف على أسباب عدم إحالة المشروع كفرصة استثمارية وأسباب الابقاء على نفس الشركة كفرض واقع حال، لذا توجب فتح تحقيق في إصدار إجازة استثمار كركوك، والتحقيق في موافقة وزير النقل السابق على توقيع العقد، والتحقيق في عدم الاعلان من جديد على الفرصة الاستثمارية والابقاء على نفس الشركة كفرض واقع، والتحقيق مع رئيس لجنة المتابعة للمطار والمتابعة في سلطة الطيران المدني كونه يحول الموضوع على مستوف قانونيا، والتحقيق مع الشركة المنفذة بشأن إمكانياتها والضوابط المطلوبة فيها».
 
لجنة نيابية
من جانبه، أشار رئيس لجنة الخدمات والإعمار النيابية الدكتور وليد السهلاني في حديث لـ»الصباح»، إلى أن «مطار كركوك الدولي تشوبه إشكالات في الاحالة كفرصة استثمارية، إلا اننا أمام مشكلة كبيرة لا يمكن غض النظر عنها، تتعلق بأن هذا المشروع مهم جداً ولا يمكن ايقافه، خاصة وانه تم انجاز ما يقارب 95 بالمئة منه».
وأضاف، «أننا كلجنة استثمار شكلنا لجنة للاطلاع على مجريات الأمر، ومن النقاط الأساسية التي يجب أن تحدث هي أن يعمل المطار وأن لا يبقى معطلاً، وأن يتم تجهيز المطار وفق المواصفات والمعايير العالمية لاستحصال الموافقات من سلطة الطيران المدني باعتبارها الجهة الرقابية المعنية»، منوهاً بأن «مطار كركوك من المشاريع المهمة، والى الآن لم يحل الإشكال بين سلطة الطيران ووزارة النقل، حيث لا توجد موافقات الى الآن لافتتاح المطار وإعطاء الرخصة من قبل سلطة الطيران».
 
رد سلطة الطيران
إلى ذلك، أوضح مدير اعلام سلطة الطيران المدني، جهاد الديوان، في حديث لـ»الصباح»، أنه «بحسب توجيهات مدير عام سلطة الطيران المدني بخصوص حل مشكلات مطار كركوك الدولي والوقوف على تلك المشكلات وحلها مع المستثمر، تم النقاش مع المستثمر على بعض النقاط الاولية التي تصب في مصلحة المطار وبحسب ضوابط منظمة الطيران الدولي وضرورة تنفيذ هذه الملاحظات لضمان سلامة الامن الجوي»، مؤكداً أنه «لا يوجد إشكال بإعطاء الموافقات، إلا أن هناك مخالفات حقيقية في المطار، وشكلت لجنة مكلفة برئاسة السلطة في 14 /12 /20120 وهذه اللجنة قدمت توصيات للشركة المستثمرة لحل المخالفات الموجودة».
ووفق تقرير اطلعت عليه «الصباح» عن توصيات لجنة سلطة الطيران المدني آنفة الذكر، فإن السلطة تقر فيه بأن المطار جرى تنفيذه كـ»واقع حال» بسبب عدم إشراكهم منذ البداية في العقد المبرم لإنشائه من قبل وزير النقل السابق، وذكر التقرير أن اللجنة المبتعثة للاطلاع على المطار لم يجر تزويدها بالوثائق والتصاميم الضرورية من قبل المستثمر، ومن ضمن المخالفات في مطار كركوك التي رصدتها اللجنة المذكورة: (وجود تجمعات مائية بالقرب من المدرجات وذلك دليل على عدم وجود تصريف لمياه الامطار أمام بناية المسافرين من جهة الحقل الجوي مع قنوات التصريف المفتوحة في ساحة وقوف الطائرات الرئيسة)، وكذلك (وجود عدة ملاجئ للطائرات العسكرية، وجود تموجات على سطح الطريق الرابط مع منطقة عزل الطائرات، عدم اكتمال جميع أعمال التخطيط لمواصفات الحقل الجوي، عدم وجود بوابات مخارج للطوارئ في السياج الاصلي، جميع مداخل ومخارج صالة المسافرين ليست وفق قياسات منظمة اتحاد النقل الجوي، ولوحظ أن القواطع الداخلية لصالة المسافرين ليست بالارتفاع المطلوب الذي يلبي محددات الامان والسلامة)، إضافة إلى مخالفات أخرى.