الحصيري.. والصعلكة

الصفحة الاخيرة 2021/02/03
...

زيد الحلّي
في مثل يوم امس الاول من سنة 1978 (3 شباط)، انقطعت أنفاس الشاعر عبد الأمير الحصيري بغرفة بائسة بفندق «الكوثر» بكرخ بغداد، ليشكل بذلك، إيذاناً بانطفاء شعلة شعرية كبيرة .
 تقرير الطب العدلي ذكر: سبب الوفاة (عجز في القلب وان المخبر عن الوفاة هو مركز شرطة الكرخ 
بتاريخ 2 / شباط / 1978).
لن اتحدث عن إشكالية الموت، ففي النهاية غادر الحصيري الدنيا ضاحكاً... عليها! غير ان هناك من يرى انه كان بالإمكان تجاوز ما حصل للشاعر بالرعاية الرسمية.
وللأمانة، أذكر أنني عندما تسلمت رئاسة تحرير مجلة «وعي العمال» العراقية وجدت ملفا شخصياً باسم الشاعر، تضمن ثلاث أوراق فقط، الأولى بلا تاريخ، فيها إقرار بخط الحصيري تتضمن تعهدا بالعمل، والثانية تاريخها 26/ 5 /1973 ( الأحد) تقول: يعين السيد عبد الأميرعبود مهدي الحصيري محرراً ثقافيا براتب (40) ديناراً، والأخيرة بتاريخ 19 / 7/ 1973 (الخميس) نجد أمراً نصه «لكثرة الغيابات، يعفى السيد عبد الأمير الحصيري عن العمل». 
وأمر التعيين والإلغاء كان بتوقيع رئيس التحرير الأستاذ عزيز السيد جاسم «طيب الله ثراه» ، ولو عرفنا، ان راتب الـ 40 دينارا في العام 1973 يعني ان صاحبها يتمتع بحظوة جيدة، وهي تكفي لمعيشة أسرة، فكيف والحصيري، لم يكن مسؤولا، إلا عن نفسه، وقبلها حظيّ بوظيفة «مصحح لغوي» في الإذاعة براتب 60 ديناراً، إذاً لم يكن الحصيري، شاعراً بلا رعاية، لكنه كان رافضاً لتلك الرعاية، حيث استهواه طريق «الصعلكة» وهو طريق لا يستطيع أي كان السيّر فيه، إلا إذا كان على استعداد نفسي لذلك، وقد لحقه الشاعر «جان دمو» وقبلهما «حسين مردان» لكن على مستوى أقل!
 رحمهم الله جميعا.