ممثل البنك الدولي: المجتمع العراقي «شبابي» قادر على النهوض

العراق 2021/02/07
...

بغداد: حازم محمد حبيب
 
أكد الممثل المقيم للبنك الدولي في العراق، رمزي نعمان، أن البنك يدعم الحكومة العراقية في عدة اتجاهات للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية، وأن هناك دعما كبيرا للورقة الإصلاحية البيضاء التي تبنتها الحكومة في سبيل الخروج من الأزمة، وبينما دعا إلى إصلاح شامل في القطاع المصرفي العراقي، أكد في حوار مع «الصباح»، أن المجتمع العراقي هو «مجتمع شبابي» يمكن أن ينهض بالبلد في حال استثمار طاقاته بصورة صحيحة وجادة، وفيما يلي نص الحوار: 
في ظل الوضع الاقتصادي الحالي وأزمة «كورونا» والازمة الاقتصادية العالمية، ما هي أطر التعاون البنك الدولي مع العراق لمساعدته للخروج من هذه الأزمة؟
لابد من الإشارة أولاً، إلى أن تجربة البنك الدولي وتاريخه للعمل مع العراق حكومة وشعباً تمتد لتاريخ طويل حافل بالمشاريع التي تم العمل عليها بصورة مشتركة، إلا أن البنك الحالي حالياً يعمل بشكل وثيق بصورة أكبر مع الحكومة العراقية لمواجهة الأزمات المستجدة والمتراكمة التي تضاف الى المشكلات القائمة في العراق، وما ترتب عن ذلك من انخفاض أسعار النفط والاحتجاجات وجائحة كورونا وتبعاتها الصحية والاقتصادية والاجتماعية التي شكلت عبئا كبيراً على البلاد، وهذه الظروف هي الأسوأ منذ العام 2003 على اقتصاد أحادي يعتمد على النفط، وهناك حقيقة بأن كل ذلك ترك أعباء كبيرة انعكست على قدرة الحكومة العراقية في التعامل مع الاحتياجات الطارئة.
لقد وضع البنك الدولي ملف محفظة مالية كبيرة جداً للمشاريع التي ينفذها في العراق، وهذه المحفظة تتوجه الى عدة وجهات، سواء مشاريع إعادة إعمار المناطق المحررة من عصابات “داعش”أو  لمواجهة الأزمات الاجتماعية التي طرأت من هذا الأمر، إضافة إلى بعض المشاريع الأخرى التي تعمل على إصلاحات هيكلية في الاقتصاد، ونحن نعمل جاهدين مع الحكومة على مقاربة الحلول للأزمات الطارئة ومواكبة الحكومة في مبادرة الورقة البيضاء الاصلاحية التي طرحتها وكذلك الورقة البيضاء التي طرحها البرلمان، وهنا يدخل البنك الدولي والجهات المانحة الأخرى في محاولة لدعم الحكومة في هذا السياق، والوقوف على ما تتطلبه من إمكانيات سواء كانت مادية أو تقنية للقيام بهذه الاصلاحات التي تهدف الى تنوع الاقتصاد إضافة إلى حماية رأس المال البشري في العراق، وكذلك زيادة الايرادات غير النفطية وفتح الفرص أمام استثمارات القطاع الخاص.
 
ثروة الشباب
بشأن معدل النمو في العراق خلال العام 2021 أي خلال الموازنة، هل هناك آفاق تعاون لحل الانكماش الاقتصادي العراقي؟
نحاول بصورة جدية دعم جميع جهود الاصلاح التي تقوم بها الحكومة العراقية، وحين ننظر إلى حل قضية الانكماش فإن ذلك يأتي عبر خلق فرص العمل، ونعتقد أن المجتمع العراقي هو «مجتمع شبابي»، يشكل الشباب فيه ثروة أساسية يجب البناء عليها ومنحهم الفرص المناسبة للدخول إلى سوق العمل ضمن مسلسل كبير يبدأ بالتعليم وعوامل أخرى، وخلق فرص العمل ليس بالضرورة عن طريق التعيين الحكومي الذي يشهد تضخماً كبيراً ويحمل تبعات مالية واقتصادية مرهقة، بل عن طريق تشجيع الاستثمارات في بيئة مناسبة وتنشيط القطاع الخاص، وإعادة الثقة بين 
المواطن والحكومة.
يسعى البنك الدولي إلى دعم الحكومة العراقية في وضع أطر سياسة مالية ونقدية سليمة جداً تسمح في إدامة العمل المالي والمصرفي، وبشأن الموازنة، نترقب تصويت البرلمان العراقي عليها لنستطيع معرفة خطوط الدعم الممكنة من قبلنا للحكومة، وذلك بعد جدولة الايرادات والنفقات وما هو العجز الاجمالي المترتب على الموازنة، وما هي الامور التي ستلجأ اليها الحكومة لمواجهة هذا العجز سواء كان ذلك بطريقة الاقتراض الداخلي أو الخارجي، وكيف للحكومة أن تسدد الديون المترتبة عليها والمتأخرة، وبعد ذلك سيكون للبنك الدولي موقف واضح في الدعم بشقين الاستثماري عبر المشاريع الممولة، ودعم الموازنة وهو شق يرتبط بالاصلاحات الأساسية التي تلتزم حكومة العراق بها، وهي إصلاحات جوهرية تسمح بتحسين واقع البلد المالي والنقدي على مراحل، فعلى سبيل المثال، فان البنك الدولي دعم قانون التقاعد الموحد الذي اقترح في البرلمان، وقد كانت مقاربتنا في ذلك القانون هو أن يصار الى وضع قانون بين القطاعين العام والخاص يسمح بانتقال المنافع بينهما، وهو أحد الحوافز الاساسية التي تدفع المواطن الى أن يسعى للعمل في القطاع الخاص ولا يضغط باتجاه القطاع العام، وهو ما يخفف الأعباء المترتبة على الحكومة.
 
الورقة البيضاء
ما هي برامجكم في معالجة التشوهات في الاقتصاد العراقي خصوصاً في مجال الإنفاق وإعادة هيكليته؟ 
نحاول أن نتحاور مع الحكومة على توجهات ستراتيجية كبيرة، لنرى ما هي الخطوات الاساسية التي يمكن أن نتعاون فيها، ونحن نتحدث عن (الورقة البيضاء) التي وضعتها الحكومة على الطاولة وهي تعالج مشكلات أساسية، وكذلك عن تنويع الإيرادات وزيادتها بعيداً عن النفط، فالقطاع الزراعي مهم جداً للعراق ويجب إعادة تفعيله وتطويره، كما أن قطاع الكهرباء يشهد هدراً مادياً وتقنياً مخيفاً، والدعم الذي نقدمه للحكومة في هذا المجال يجب إعادة النظر فيه، وكل هذا يجب أن يقابله النظر بزيادة المشروعات الاستثمارية التي تخلق فرص عمل، وزيادة مشاريع البنى التحتية الأساسية لخلق فرص عمل، كما أننا في البنك الدولي ندعم التوجه نحو اللامركزية.
نعتقد أنه في ظل الأزمة الحالية، فإن الفرصة سانحة الآن لإعادة النظر في كيفية وضع الحلول للأزمات المتراكمة في البلاد، ومؤسسة التمويل الدولية IFC لديها آلية سريعة للتمويل وهي آلية قد أطلقها لمواجهة كورونا ولمساعدة الدولة في هذه الأزمة، ورغم أنها ترتكز بشكل أساسي على موضوع صحي، ولكن جزءا منها لدعم موازنة الدولة، والبنك الدولي مستمر في التواصل مع الحكومة العراقية لمعرفة احتياجاتها وسبل دعمها.  
لقد تعهدت الحكومة العراقية بالأخذ بمجموعة مضامين لإصلاح الاقتصاد ووقعت على وثيقة خلال مؤتمر للبنك الدولي في 2019، وتبلورت الوثيقة لاحقاً بما بات يعرف (الورقة الإصلاحية البيضاء)، وهي نتيجة تعاون بين الحكومة العراقية والبنك الدولي، وتضمنت ثلاثة عوامل أساسية، هي التنوع الاقتصادي، وأهمية الحكومة وبناء المؤسسات بعيداً عن التدخلات وأجواء الفساد، والعامل الثالث والأهم هو رأس المال البشري، فالمواطن العراقي يجب أن يحظى بالخدمات الصحية والتربوية والتعليمية والتثقيفية والأحوال المعيشية المتكاملة ما يسمح له بالدخول الى سوق العمل، فنحن نتطلع الى هذه الحلقة الكاملة (المؤسسات 
والإنسان والتنوع).
 
الرقابة وغسيل الأموال
هل لديكم خطة لتعزيز الرقابة على المصارف وإعادة هيكلتها في القطاع العام؟
لدينا جهد تقني عبر خدمات استشارية نقدمها للبنك المركزي في النظر الى واقع المصرفي في العراق، ونعتقد أن القطاع المصرفي العراقي الخاص ما زال ضعيفاً، وبصورة عامة فانه يجب إعادة النظر في السياسة البنكية العراقية لتحسين الواقع المصرفي بأن يذهب باتجاه دراسة السوق وكذلك زيادة استثماراته وخاصة الفئات الشبابية التي ترغب بأن تستثمر وتبدأ بعمل جديد وتنطلق بعمل مختلف عن التعيين. ما هو دور البنك الدولي بخصوص التعزيز المالي ومكافحة غسيل الأموال؟
لدى البنك الدولي مشروع يتم العمل عليه مع وزارتي المالية والتخطيط وهو مشروع تنظيم الادارة المالية، ويتضمن المشروع بنودا مختلفة لجهة تطوير القدرات الموجودة سواء على مستوى إدارة الدين أو تنظيم المعلومات أو أتمتة النظم أو على مستوى سياسات محاربة غسيل الاموال والنظر الى تنقلات الاموال، فكل هذه الخطوات الإصلاحية والتي تسمح بالفعل أن تترسخ ضمن المؤسسة العراقية هي جزء من هذا المشروع، وقد وقع وزير المالية الاسبوع الماضي منحة مقدمة من الاتحاد الاوروبي ينفذها البنك الدولي للمساعدة في تحسين آلية الرقابة والشفافية المالية في العمل المالي وفي بعض القطاعات الاساسية العراقية مثل الغاز والبترول، وجرى توقيع المنحة بمبلغ 14 مليون دولار، وهي تضاف الى قرض يقوم البنك الدولي بتنفيذه قيمته 48 مليون دولار، وهاتان الاتفاقيتان (منحة الاتحاد الاوروبي وقرض البنك الدولي) ينفذهما البنك بطريقة موحدة مع وزارة المالية ووزارة التخطيط.