وهمان!

الصفحة الاخيرة 2021/02/08
...

جواد علي كسار
الوهم الأول الذي يكثُر الكلام عنه في بلادنا، أن الكتاب الورقي قد انتهى، في حين تؤكد الأرقام في عوالم الآخرين غير هذا، ففي أميركا وبحسب تقرير اتحاد الناشرين، سجّل الكتاب الورقي نحو 80 % من مجموع مبيعات الكتاب، من عدد إجمالي بلغ (675) مليون كتاب ورقي طُبع بأميركا سنة 2019. وفي رقم آخر مرعب يهدم الأوهام ويزيح خرافة نهاية الكتاب الورقي، أفاد تقرير لاتحاد الناشرين الأميركان نهاية عام 2019، بأن إجمالي مبيعات الكتاب في أميركا، بلغ (26) مليار دولار، كان نصيب الكتب الورقية منها، مبلغ (22,6) مليار دولار، في حصيلة كلية شملت أيضاً الكتب التجارية والتعليمية والأدبية. الوهم الآخر المكمّل للأول، أن القراءة الورقية انتهت هي الأخرى لصالح الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وما شابه، لكن الأرقام تقول غير ذلك، ففي مؤشرات إحصائية بلغت القراءة الورقية في الولايات المتحدة، بعامي 2016 - 2017 نسبة 65 %، وفي عام 2018 بلغت نسبة الذين قرؤوا كتاباً ورقياً
 67 %، بينما لم تزد نسبة القراءة الإلكترونية 28 %، 
و25 %، ومن قرأ الاثنين معاً 28 %، على التوالي.
في مؤشر إحصائي آخر من بريطانيا، فإن 75 % من البريطانيين ما زالوا يفضلون الورقي، استكمالاً لهذه الأرقام الداحضة، سجّلت مؤشرات إحصائية معتبرة تقدّم الهنود على سواهم بمعدلات القراءة بما يصل إلى (10,7) ساعة أسبوعياً، تليها تايلند والصين والفلبين، ثمّ مصر وروسيا والسويد وفرنسا. الخلاصة، ان الثقافة العالمة لا تشتغل على الأوهام ولا تُؤسّس على الأقاويل، ففي اللحظة التي ينحسر بها التفكير المنهجي المنظم في بلادنا، وترجع إلى الوراء مراكز الدراسات والأبحاث، وتترهّل الدراسات الأكاديمية العليا وتنجرّ إلى ما يشبه اللاجدوى؛ تتقدّم مراكز الأبحاث وغرف التفكير في بلادهم، وترتفع معدّلات القراءة. بالتأكيد لسنا بحاجة إلى التطرّف المضادّ بالتقليل من أهمية شبكة المعلومات العالمية، وتجلياتها في النشر الإلكتروني، بقدر حاجتنا لتوظيف الوسائل كافة، من أجل التقدّم ونزع الأوهام!