رزاق عداي
الترحيب بالانتخابات المبكرة والتهليل لها من قبل بعض الاحزاب السياسية التي حكمت منذ 2003، بدا للوهلة الأولى وكأنه استعارض اعلامي، لا بدّ منه لتحاشي الوقوف بالضد من تيار عام انتجته تظاهرات 2003، وللايهام بأن القبول بالانتخابات هو ادراك بأن ثمة خللا يشوب العملية السياسية، وان هذه القوى والأحزاب على استعداد في تحمل المسؤولية لتغيير رؤيتها القديمة.
فقد استنفدت آليات اعادة انتاجها السابقة، واصبح تغيرها امرا لا مناص منه، او على الأقل اجراء اصلاح ما، وهو ما ورد في خطابات قادة كتل واحزاب، بعد الاعتراف بعجز الحكومات السابقة بتقديم ما كان مطلوبا منها، والحقيقة ان تظاهرات الاول من تشرين 2019 كان لها الدور الاساسي الاكبر في دفع الامور نحو التغير.
ولما تأكد للجميع ان الانتخابات المبكرة، هو مطلب لا يتزعزع للمتظاهرين والمرجعية في النجف الاشرف وجمهور عريض من الشارع العراقي، صار التغيير حتمية وضرورة، وبافتراض اننا تحت خيمة نظام ديمقراطي، اذن لا بدّ من اتباع تقاليده في التغيير وتبدل الحكومة عبر وسيلة الانتخابات، فعمدت هذه الاحزاب تحت ضغط الضرورة، وعلى مضض، الى توظيف هذا الهدف في محاولة لتجيره لصالحهم، تحت يافطة اعادة الثقة بين الشارع والعملية السياسية، لذلك نلاحظ ان الاستعداد للانتخابات هو الاخر جاء مبكرا عبر وسائل عديدة.
فأغلب الكتل راحت تفرخ تفرعات تنظيمات جانبية، ترفع شعارات تشبه تماما شعارات المتظاهرين، للايهام بأن برامجهم تبدلت ولم تعد تلك القديمة، فالخوف الذي يعتري الكتل االسياسية ناجم عن ان الانتخابات المبكرة لو اجريت بنزاهة، فانها قادرة على اجراء تغير جذري في تركيبة العملية السياسية، وعلى العموم ما زالت هناك ضبابية في مستقبل الانتخابات المبكرة، يأتي في مقدمتها، ما يعتقده العراقيون بأن الاحزاب السياسية غير جادة في حل البرلمان، فحتى الان لم يحدد تاريخ او موعد لذلك، انما تم التعامل مع المسألة ببيانات شكلية فقط.
وهناك عنصر الامن الذي يعد أحد الأركان الاساسية في اجراء الانتخابات، وفي العراق اليوم تنبع المخاوف من الفشل في تقيد حيازة الاسلحة، وفي ظل انتشارها الراهن، وتعدد المجموعات المسلحة، لن تكون الانتخابات عادلة.
في الفترة الاخيرة طالب العديد من القادة والمسؤولين عن الانتخابات بإشراف أممي من اجل منع التزوير والتلاعب بالنتائج، وقد تجاوبت شرائح اجتماعية عديدة لهذا الاقتراح وأعدته خطوة اساسية لحصول انتخابات عادلة، مع ذلك يعارض البعض اي تدخل خارجي.
ويعدون هذا الاشراف بمثابة تدخل في الشؤون الداخلية العراقية، ويرغبون في وضع العراقيل في الدعم الفني والمادي الخارجي، ومن الجدير ذكره ان الانتخابات العراقية تلقى اهتماما أمميا كبيرا، لكي لا تتكرر تجربة انتخابات 2018، مع العلم ان هناك طلبا رسميا من الحكومة العراقية الى الامم المتحدة بهذا
الصدد.