محمد شريف أبو ميسم
في مستهل أول عرض للسياسة الخارجية الأميركية الخميس الماضي، كانت دعوة الرئيس الأميركي “جو بايدن” في مقر وزارة الخارجية الاميركية، الى انهاء الحرب في اليمن هي الأبرز، بوصفها دعوة مقرونة برؤية انسانية لما خلفته هذه الحرب التي تقودها الرياض بدعم من الولايات المتحدة منذ العام 2015.
ودعوة الرئيس الأميركي هذه، جاءت عمليا بوضع حد للدعم المقدم للتحالف العسكري، فضلا عن ايقاف مبيعات الأسلحة الاميركية لهذا التحالف، وتعيين مبعوث اميركي خاص لحل الأزمة اليمنية، في اطار ستراتيجية اميركية جديدة في منطقة الشرق الأوسط، تختلف كليا وعلى ما يبدو عن ستراتيجية الادارة الاميركية السابقة، التي دعمت العدوان على اليمن في ظل ادارة الرئيس السابق “دونالد ترامب” الذي تمادى الى حد استعمال صلاحياته ضد قرارات الكونغرس بشأن وقف الدعم وادانة المجازر بحق المدنيين اليمنيين في نيسان 2019، وهو منعطف يبشر بوجود مخارج جديدة لهذه الحرب التي “ أنشأت كارثة إنسانية وستراتيجية” بحسب ما جاء في خطاب بايدن، وهو يذكّرنا بضحايا الحرب المدنيين الذين تجاوزت أعدادهم عشرات الآلاف وملايين النازحين والمرضى والمعاقين، فضلا عن تدمير مقومات الحياة، ما تسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة. اذن اختلف المنهج في التعاطي مع حرب اليمن، هذا ما طرحه الرئيس الاميركي الجديد “جو بايدن”، ويبدو ان ثمة متغيرات أخرى ستطرأ على السياسة الاميركية في الشرق الأوسط، مثلما ألمح الرئيس الجديد في خطابه، الذي لم يتطرق لايران وهو في معرض حديثه عن حرب اليمن، كما كان مألوفا في خطابات الرئيس السابق “دونالد ترامب”، لا بل ان عرض السياسة الخارجية للادارة الاميركية الجديدة الذي شمل محاور متعددة، امتدت ما بين اعادة النظر بكل الخطوات الاجرائية، التي اتخذتها ادارة ترامب بشأن الهجرة غير الشرعية، والعلاقة مع المكسيك وسواها من دول البحر الكاريبي وأميركا الوسطى، وصولا الى اعادة النظر بالعلاقات مع روسيا والصين والاتحاد الأوروبي، لم تشمل الاشارة الى علاقة الولايات المتحدة بايران بوصفها المحور الرئيس في أحداث الشرق الأوسط، ومدعاة لتبرير التدخلات في هذه المنطقة، وفزّاعة الابتزاز الذي انتهجه “ترامب” مع حلفائه العرب، والأهم من كل ذلك لم يتطرق “بايدن” ولو من بعيد لقضية اعادة النظر بموضوع الاتفاق النووي، الأمر الذي يؤكد ان الادارة الجديدة، وعلى الرغم من توجهها الواضح بشأن خفض التوتر في الملف الايراني، الا أنها لا تملك بعد آلية يمكن الافصاح عنها بشأن التعاطي مع هذا الملف، الذي يبدو انه من اختصاص المؤسسة التي تقف وراء ادارة شؤون الحكومات في البيت الأبيض.