نغم عبدالله
المتقاعدون هذه الشريحة التي أفنت عمرها في خدمة البلد فترة جيل كامل، هي اليوم بين النكران والفتات تسعى حثيثة لرفض الاول ومحاولة التمسك بالثاني للبقاء على قيد الحياة قدر المستطاع، دفاعا عن وجودها والصمود امام التهميش والنكران، لعقود أفنتها من اجل العراق والسعي المتواصل الدؤوب بلا كلل لتأمين أسر وتقويم مجتمع امن لاجل بناء الوطن بناء سليما، بروابطه وبنيته المجتمعية التي تعتمد مبدأ التكافل الاجتماعي اساسا لديمومتها، في ظل غياب الالتزام المؤسساتي ونظام التكفل والتأمين الحكومي، لأفراد المجتمع مما يحمل المواطن عبء الالتزام بالتكفل البديل ويثقله بمسؤولية لأفراد آخرين، هم اسرته ويبقى يدور في ساقية هذه المسؤولية والايفاء بها طوال حياته، وما تتطلبه من انكار الاعز وهي الذات التي لها الحق قبل الاخر في التمتع بفرص الحياة وايجابياتها وولوج مجالاتها الايجابية المتنوعة، الا أن ذلك يبقى محكوما وهذه الحال بايقاف التنفيذ الارادي والاختياري، رغم عدم وجود الخيار وعدم توفر فرصة الاختيار وفاء للالتزام وقياما بالمهمة بأكملها وكامل اجزائها حتى الجزء المنوط بالدولة ومؤسساتها.
وهنا يصبح الحمل عبئا مثقلا غير منصف عسير الحمل مكتوم اليسر، ورغم ذلك لا يمكن غير الاستمرار والمواصلة، فبكل المقاييس والاديان والاعراف والمبادئ، لايمكن افلات الايدي المعلقة بالكف، حتى تقف على قدميها على ارض صلبة، حيث يكون الثمن قد اصبح باهظا من سني عمر، لن تعود والا فإن الافلات يعني انفلات الامور والانفلات للمجتمع وامنه واستقراره ووجود مهدد. ابعد كل هذا الوفاء يكون التهميش والانكار هو المقابل السخي بدل التوقير والتقدير، بدلا من ان يكون مقابلا مجزيا وتعويضا لنهاية خدمة تحفظ ماء الوجه، وتصون الكرامة لما تبقى لهذه الشريحة من عمر يؤمن احتياجاتها واهمها الصحية في غلاء القطاع الصحي الخاص وسلبياته وقصوره في القطاع الحكومي، بعد كل ماتعرضت له على مدى سنين العمر والتعب، الا أن ما يحصل هو العكس، حتى طالت الاستقطاعات المصرفية ادنى الرواتب وشملت التي ادنى من 475 التي لاتفي بمتطلبات المتقاعد البسيطة او تؤمن احتياجاته، بعد عقود من الوفاء للوطن وعلى العكس مما جاء في تصريحات البرلمانيين والمسؤولين في ان الاستقطاع لن يمس الرواتب البسيطة، وسيقتصر على الرواتب العالية بدءا من 750 فما فوق، الا ان ذلك لم يكن ضمن خطة التنفيذ المصرفي وحبلها المدلى على الغارب.