الخطورة في شرعنة السرقة والفساد

آراء 2021/02/09
...

 عبد الحليم الرهيمي
بينما تتصاعد الأصوات والمطالبات الوطنية بمكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين وسرّاق المال العام والخاص واحالتهم على القضاء لمساءلتهم واسترجاع ما سرقوا من اموال، تتسع في الوقت نفسه حالات ازدراء وعدم احترام غالبية المجتمع لهم، الا الذين في قلوبهم مرض من الجهلة والمتملقين، يطل علينا احد سياسيي الطبقة المتنفذة بإحدى الفضائيات لـ (ينظّر) مبرراً لمن يسرق من المال العام، بذريعة حاجته لفعل ذلك لقلة مرتبه الشهري! 
ففي سياق سؤال مقدم البرنامج والحديث عن مشكلات الموازنة العامة ومنها الضرائب والاستقطاعات والتضخم الناتج عن خفض سعر الدينار العراقي مقابل الدولار، برر هذا السياسي «أحقية» الموظف بـ ( مد يده) على المال العام (اي السرقة من اموال الدولة والشعب) بحجة ان مرتبه لا يكفيه لإعالة أسرته وجلب الحليب لأطفاله!
وبالطبع، فإن هذا (التنظير) لتبرير سرقة المال ينطوي على دلالات شديدة الخطورة، وذلك لانعكاساته السلبية والاخلاقية على المجتمع . فاذا كان التبرير يشرعن للموظف السرقة من المال العام، لوجوده في الوظيفة وقدرته على (مد يده) على هذا المال، فكيف سيمارس (أحقيته) من هو خارج الوظيفة من المحتاجين أو ذوي الدخل المحدود او عديمي الدخل من بائعي البسطات وأسواق الخضرة وسائقي التكسي، وغيرهم الذين يبلغ عددهم نحو عشرين مليونا؟! أليس (شرعنة) سرقة الموظف (وأحقيته بمد يده على المال العام، أن (تشرّعن) لهؤلاء ايضاً (مد اليد) وسرقة الممتلكات العامة او البيوت والمحال وحتى المصارف .
تبريرات هذا السياسي (المشرّعنة)، للسرقة والفساد هي تبريرات شديدة الخطورة وشديدة الآثار السلبية المدمرة للجميع، لاسيما ان هذا السياسي الذي يبرر السرقة و (شرعنتها) ليس معروفاً بأنه مفكر او فقيه ديني او صاحب باع وصلاحية معترف بها لـ (شرعنة) السرقة بأعتبارها (أحقية) للموظف الذي لا يسد راتبه احتياجاته، وهذا يتطلب من السياسي او من ينحو نحوه ان (يضبط) كلامه ويعي ما يقول، كما يتطلب من مقدمي البرامج او اصحاب الفضائيات أنفسهم ان يختاروا من يستطيع مناقشة او تصحيح، مثل هذا الآراء الملغومة والخطيرة والمدمرة للمجتمع .