رجل رائع

الصفحة الاخيرة 2021/02/12
...

حسن العاني 
لا يأتي التميّز بالضرورة من امتلاك الانسان مواصفات ايجابية نادرة، وهذا ما أكدته شخصية حسين العلوان... رجل من سكان محلتنا الشعبية، تخطى الستين من عمره ومازال بحيوية شاب في الثلاثين، لم يحصل على قدر كبير من التعليم باستثناء شهادة الدراسة الابتدائية، يعيش على ما يحصل عليه من أعمال حرة هنا وهناك قبل ان يفتتح دكاناً صغيراً يدر عليه ما يكفي اللقمة.
العلوان منذ عرفناه ... انسان وديع مسالم، ملتزم بفروض الدين، أبعد ما يكون عن الكذب والخداع والاساليب الملتوية والنفاق... وبالإجمال يتحلى بخلق نبيل، غير أن أبرز سمة تميز شخصيته تتمثل في تلك البراءة الطفولية والسذاجة المفرطة، وربما لهذا (التميز) النادر في تكوينة شخصيته، كان ابناء المحلة يحبونه ويحترمونه، ولكن هذا لم يمنعهم من استغلال سذاجته أحياناً، فيدبرون له مقالب (غير مؤذية) لغرض المزاح والمرح والضحك، ومع ذلك لا يزعل ولا يغضب .. ويضحك على غفلته! 
بعد (2003) حدث أمر مفاجئ لم يتوقعه أحد، بل إن العلوان نفسه فوجئ به، فقد حصل على وظيفة مرموقة، خارج سياقات الشهادة والكفاءة، اشهد ان الموقع الوظيفي المرموق لم يغير شيئاً من اخلاق الرجل الكريمة ومن سذاجته المفرطة، ومن كرمه وتواضعه، كان رجال المحلة يقولون له من باب المزاح (أنت من أحباب الحكومة)، وكان الرجل يواجه دعابتهم بأريحية ويشاركهم الضحك، ثم يردُّ باسلوب جاد (آني فعلاً من احباب الحكومة، لأنها حولتني من صاحب دكان صغير لا يزيد دخله الشهري في احسن الاحوال على (500) الف دينار، الى موظف يصل راتبه مع المخصصات الى قرابة 3 ملايين دينار) لهذا السبب احبته الناس واحبّت صراحته وصدقه وعدم ترفعه عليها، وربما احبته اكثر لانه لم يبخل عليها بوساطة او تقديم عون او مساعدة.. ذات مساء ونحن نجلس في مقهى الطرف على عادتنا اليومية والعلوان معنا، جرى حوار ساخن بينه وبين احد الحضور الذي وجه نقداً عنيفاً لكل مايجري قائلاً ( كان العراق في التاريخ يسمى «ارض السواد» فماذا فعلتم ؟)، وردّ عليه العلوان (انت تدين نفسك بنفسك لان أعداء العراق ارادوا المحافظة على هذا اللون الاسود اعتزازاً به، فلماذا أنت زعلان) وضحكنا جميعاً وضحك العلوان حتى دمعت عيناه، وهو لا يدري حقاً لماذا كنا نضحك!