الموازنة العامة

آراء 2021/02/12
...

 حميد طارش
الموازنة العامة، ببساطة، هي الأموال المخصصة لجميع مؤسسات الدولة، سواء كانت تشغيلية او استثمارية، وعادة تقوم وزارة المالية بإعدادها، باستثناء موازنة مجلس النواب والسلطة القضائية وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات، وعلى الرغم من بعض النقد الموجه ضد هذا الاستثناء الّا انه يمكن قبوله باعتباره يتعلق بموازنات 
على الاغلب، تشغيلية، لذلك ينصرف معنى الموازنة السنوية الى الحكومة كونها تتعلق بعموم الشعب من حيث مايصرف عليه من نفقات ويجبى له من ايرادات، بل وأبعد من هذا، ما يمكن ان تسهم في تطوره ورخائه.
الموازنة العامة تصدر بقانون سنوي بخلاف القوانين الاخرى التي قد يمتد بعضها الى عقود من السنين، وذلك لضرورة اقتضتها السيطرة على المال العام وتسهيل مراقبة صرفه وتقوم الحكومة بإعداد مشروع القانون وعرضه على البرلمان الذي هو المختص باسم الشعب لاستصدار القانون، وتجدر الاشارة هنا الى ان عملية الاعداد يجب ان لاتكون تقليدية وانما خاضعة لمعايير وضوابط، فإعداد الموازنة يجب ان يكون وفقا لخطة الحكومة الستراتيجية وبما تقتضيه السنة من انجاز فيها، فضلا عن تلبية الحاجات وتأمين الخدمات وان تكون متناسبة مع ايرادات الحكومة وماتمتلكه من موارد، وان يؤخذ بنظر الاعتبار تنويع تلك الموارد، وان تكون واقعية وليست خيالية، فالموازنة هي تقدير توقعي يفترض ان يكون قريبا من الواقع، واذا ما اضطرت الى نسبة عجز فيجب ان تكون بحد أدنى وقابلا للسيطرة عليه.
وأما المصادقة فيجب ان تتم عبر تدقيق تلك المعايير وان لاتكون موضوعا للمساومة والصراع السياسي، وان لايكون الاقتداء بالدول المتقدمة حرفيا كعدم انتهاء الفصل التشريعي لمجلس النواب مالم تتم المصادقة على مشروع قانون الموازنة العامة فهذه الدول وبأشد المعارضة البرلمانية الموجودة فيها تنظر للموازنة العامة كقضية شعب وتتعامل معها بموضوعية بعيدا عن مصالحها السياسية، لكن عندنا في العراق وبالرغم من غياب المعارضة البرلمانية!!، والتي تعد اهم مقومات النظام البرلماني، تتأخر الموازنة وتثير الجدل والصراع فيها بل وحدث عدم مصادقتها لسنة كاملة وتم الصرف من دون اذن رسمي!!!، وفي سنة أخرى كانت الموازنة في سلة المساوامات للتصويت عليها!!!، بينما كان الاجدر بالبرلمان ان يطالب بالحساب الختامي من قبل الحكومة الذي يبين كيف صرفت الاموال؟ وهل صرفت في المجالات المخصصة لها؟ وتدقيق مستنداته التي يجب ان تكون ترجمة رقمية وحقيقية للموازنة، ليكون بذلك حافزا لديوان الرقابة المالية والادعاء العام في مدى فعالية رقابتهما 
المالية.