ريسان الخزعلي
يحصل، أن توصف بعض الأفعال والإجراءات - التي تصدر من أصحاب القرار في الحياة: السياسية، الاقتصادية، الإدارية، العسكرية، الاجتماعية ...الخ بأنها أعمال غير عقلانية. وكذلك يوصف سلوك بعض الأفراد عندما يتعارض مع الثوابت الاجتماعية والأعراف السائدة، بأنه سلوك غير عقلي. والعقلانية – كاصطلاح – صفة مشتقّة من العقل الذي هو مركز الوعي والإدراك والتحليل والسيطرة عند الإنسان، وبما يتفوّق فيه بنسبة عالية جداً على المخلوقات الأخرى. والسؤال، هل توجد محددات ومقاسات واشتراطات ثابتة، نستطيع أن نُميّز بواسطتها بين الفعل العقلي وغير العقلي؟.
إنَّ الجواب كامن في بحوث ودراسات بعض علماء الاجتماع التي صنّفت الفعل العقلي إلى اربعة أقسام. أولاً: الفعل العقلي المتعمّد – وهو الفعل الذي يتم بواسطة معيّنة تكفل تحقيق الهدف منه. ثانياً: الفعل العقلي القييمي – وهو الفعل الذي يتّفق مع المقاييس القيميّة الاجتماعية الثابتة والمتحوّلة في المجتمع. ثالثاً: الفعل الغريزي. رابعاً: الفعل التقليدي.
ولبعض علماء الاجتماع استدراك حول هذا التصنيف، يُفيد بأنَّ الفعلين الأخيرين ورغم وجودهما، إلّا أنهما لايستندان إلى المنطق الذي يقرّه العقل السليم والفكر السوِي، إذ أنَّ الغرائز والتقليد لا يصحّا أن يكونا معياراً معوّلاً عليه في تعاملات العقلانية. وهكذا يكون الترجيح للعاملين الأولَين اللذين يستندان على تطبيقات العمليات الإحصائية العلمية الدقيقة التي يجب أن تسبق اتخاذ أي قرار أو فعل. والتطبيقات الاحصائية هذه عندما تأخذ عيّنات – حسب طبيعة الفعل المقصود - من المجتمع متباينة، طبقيّاً ومهنيّاً وثقافيّاً، ستوفّر لجهة القرار نسب القبول والرفض، وعندئذٍ سيكون للفعل أو القرار مبرراته التشريعية الواقعيّة، قبولاً أو رفضاً.
إنَّ مبدأ العقلانية سيقلل الضرر الذي يلحق بالمجتمع من جرّاء القرارات والإجراءات السريعة المرتجلة، كما أنّه سيوفّر عملية /تنظيم ورقابة/ ناجحة وفاعلة في الحياة العامة بعد أن تُصبح الأسباب والدوافع والأهداف واضحة للجميع. ومن المفيد هنا أن نذكر قول البروفسور (سايمن) في كتابه (السلوك الإداري) الذي يصف فيه العقلانية بأنها الكاشف الأساس لكل قبول أو رفض. إذن، كم نحن بحاجة إلى العقلانيّة..؟..