إياد مهدي عباس
لم يعد العالم الآن كما كان قبل ظهور جائحة كورونا، وها نحن نودع العام الاول للجائحة ونستقبل عامها الثاني، وما زال العالم يعيش لحظة المواجهة الحاسمة مع هذا الخصم الشرس، وعلى الرغم من ان وباء كورونا لم يكن الاخطر في تاريخ الاوبئة وبالرغم من مصادفة ظهوره في عصر الارتقاء العلمي والتطور التقني الهائل في المجالات كافة ومنها المجال الطبي إلا انه كان بمثابة بالون اختبار كشف عن حقيقة قدرات الحكومات وثقافة شعوبها ومدى تعاملها بوعي وحرفية مع هكذا امراض.
لذلك كان التعامل معه مختلفا من دولة الى اخرى وحسب استعداد الدولة والوعي الصحي لمواطنيها، ففي الصين على سبيل المثال سارعت الحكومة الصينية التي تعد الحاضنة الاولى لظهور هذا الوباء الى اتخاذ تدابير صارمة مستنفرة جميع الامكانيات العلمية والصحية والتكنولوجية للتصدي له والحد من اثاره.
فكان اداء الصين حكومةً وشعبا مذهلا وجبارا، إذ تمكنت وبفترة قياسية من تطويق الوباء والقضاء عليه بنسبة اكثر من تسعين بالمئة بينما الدول التي تعاملت معه بأقل حرفية ومهنية تمكن هذا الوباء من الانتشار بشكل سريع بين مواطنيها. ففي العراق كانت وزارة الصحة العراقية مستجيبة لكل التوصيات الصادرة من منظمة الصحة العالمية.
وكذلك بمساعدة المرجعيات الدينية لها إلا ان الارباك كان واضحا في دور وعمل وزارة الصحة، إذ كشف هذا الوباء عن ضعف كبير في البنى التحتية وقلة التجهيز.
الا ان هذا لم يمنع الملاكات الصحية من التصدي بشجاعة لهذا الوباء وتقديمها عددا كبيرا من الشهداء في هذه المواجهة وما زالت تقدم المزيد، الا ان الواقع الصحي مازال يراوح في مكانه مع تطور المرض وظهور السلالة الثانية له.
ولكي نكون اكثر موضوعية وانصافا، كان دور المواطن العراقي غير ساند وغير داعم لوزارة الصحة ومخالفا لتوجيهات المرجعية الا بنسبة قليلة لا تكاد تشكل جدار صد لإعاقة تقدم وانتشار هذا الوباء الخطير؛ وذلك بسبب غياب الثقافة الصحية وغياب دور منظمات المجتمع المدني وضعف الاعلام الحكومي في توعية المواطن، مما ادى ذلك الى الاستخفاف بخطورة هذا الوباء الفتاك الذي مازال ينتشر ويضرب بعنف في اكثر الدول تطورا.
ومع ظهور سلالة جديدة ومتطورة من هذا الوباء نرى وللاسف في بلدنا عدم الاكتراث لخطورة هذا الوباء، إذ انتشرت سرادق العزاء في كل المناطق وعادت التجمعات من جديد.
وظاهرة عدم لبس الكمامات على الرغم من استمرار التحذيرات بضرورة الالتزام بالتعليمات الصادرة من منظمة الصحة العالمية، الا ان الاستجابة دون مستوى الطموح وذلك يشكل خطرا كبيرا على الامن الصحي للمجتمع العراقي.. وهذا يجعلنا نجدد المطالبة بالالتزام بشروط الصحة والسلامة للحفاظ على ارواح الناس ولكي يعبر هذا العام بسلام على
العراقيين.