لجان كثيرة.. نتائج قليلة

آراء 2021/02/15
...

 د.صادق كاظم 
حطمت الحكومات العراقية منذ عام 2003 وحتى الآن أرقاما قياسيا كبيرة في عدد اللجان التي شكلتها لمواجهة مختلف الازمات التي واجهتها، إذ كانت مهام هذه اللجان اعلامية والهدف منها تبريد الازمات وتهدئة الشارع لا اكثر ولا اقل من دون ان يتم تبني اي طرح من مقرراتها
المؤسف أن هذه اللجان عند تشكيلها لا تمارس عملها وهي دائما ما تتعرض الى ضغوطات من اجل ان تصدر قرارات وتوصيات تتماشى مع الغرض الذي شكلت من أجله، لكنه وفي النهاية يتم تجاهل قراراتها وتوصياتها وكأن أمرا لم يكن.
تشكيل هذه اللجان يعكس خللا في الرؤية السياسية والادارية للحكومة في مجال معالجة مختلف الازمات التي تواجهها البلاد فمواجهة اي ازمة لا تحتاج الى لجان لا يحترم احد قراراتها، بل الى تشريعات وقوانين صارمة والى جهاز قضائي حاد كالسيف لتنفيذها ومواجهة اي تجاوزات عليها، إذ إن النظام والقانون هما فقط من يحسمان النزاعات والخلافات ويضمنان الامن والاستقرار.
ملف التجاوز على المال العام والفساد من اكثر واخطر التحديات التي تواجهها البلاد، وهو مرض مزمن وخطير يحاول ان يفتك وينهش بجسد البلاد وشعبها ومع ذلك لم يجابه بحلول حازمة وصارمة، بل كل ما نراه تشكيل لجان ومجالس للنزاهة ومكافحة الفساد تتوالى وتتزايد من دون ان توقف نزيف الفساد او تضع حدا له، ويكفي مثال أن 750 طنا من الحبوب فقدت ذات مرة من احدى السايلوات تم تشكيل لجنة للتحقيق والتي لم تجد مقصرا واحدا في الموضوع، بل تم اتهام الطيور التي تسكن اعشاشها بالقرب من السايلو بأنها من التهم هذه الكمية الضخمة من الحبوب في حين أن  بإمكان محقق جنائي واحد ان يكشف الفاعل في غضون ساعات.
هذه الطريقة الغريبة والفاشلة في ادارة ومعالجة الازمات نحتاج الى مراجعتها والتخلي عنها واحالة هذه الملفات العالقة الى القضاء او البرلمان لحسمها من خلال قوانين نهائية تراعى فيها مصلحة البلاد وشعبها من دون الحاجة الى إضاعة الوقت والالتفاف على الازمات وتركها على حالها من دون معالجة او حسم وصدق الفرنسيون في مثلهم القائل (إذا أردت أن تفسد أمرا فشكل له لجنة).