محمد صادق جراد
لم يكن الموظف العراقي يترقب إقرار الموازنة في السنوات السابقة كما يترقبها اليوم فأكثر ما يهم الإنسان هو مصدر قوته ولا نبالغ اذا قلنا ان الشغل الشاغل اليوم لملايين الموظفين العراقيين واسرهم هو الحديث عن الاستقطاعات من عدمها لرواتبهم في موازنة 2021 فالأمر يتعلق بالحياة المعيشية فهي أكثر ما يهم المواطن في اي بلد .
فالمواطن العراقي بصورة عامة والموظف بصورة خاصة ومع تطور الحياة أصبح يعاني من التزامات مالية متعددة وأصبح راتبه الشهري لا يكاد يسد تلك الالتزامات والمتطلبات كالإيجار وفاتورة الكهرباء والنت والمولدة إضافة الى تسديد القروض ذات الأرباح الفاحشة او السلف التي يقترضها الموظف في حالات اضطرارية تجعله يلجأ الى المصارف كبناء منزل او علاج مريض .
الموظف كمواطن لا يمانع ان يكون جزءا من الحلول لمعالجة العجز الكبير في الموازنة وان يكون عنصرا ايجابيا في تجاوز البلاد للازمة المالية التي يمر بها العالم بصورة عامة بسبب وباء كورونا وتدني أسعار البترول.
الا ان البعض يتساءل .
هل قامت الجهات المسؤولة باتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لسد العجز ولم يبق الا الموظف لتقوم بتخفيض راتبه ؟
الجواب لا لان كل من يطالع الموازنة في نسختها الاولى يجد ان تخصيصات الوزارات شهدت زيادة عن موازنة 2019 بل ان الموازنة بصورة عامة كانت اعلى من موازنة 2019 قبل ان تقوم اللجنة المالية في البرلمان بتخفيض الكثير من نفقاتها.
ومن هنا نجد غياب التخطيط الدقيق للازمة والتفكير باللجوء الى رواتب الموظفين كحل سهل ولايضر بمصالح المنتفعين من اموال الدولة المهدورة في الموازنة.
علما ان المادة 30 اولا من الدستور العراقي تنص على ماياتي “تكفل الدولة للفرد وللأسرة ـ
وبخاصة الطفل والمرأة ـ الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية للعيش في حياةٍ حرة كريمةٍ، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم .»
وان مايجري من حديث عن فرض او الغاء الضريبة على رواتب الموظفين في الموازنة العامة للدولة هو امر مخالف للدستور وتهديد صريح وخطير لمقومات الحياة الأساسية للفرد العراقي والاسرة
العراقية .
ويمكن التعويض عن هذه القطوعات عبر رفع سعر الصرف وصعود اسعار البترول وتخفيض نفقات الوزارات واستثمار الموارد المالية المهدورة من مختلف الوزارات والمؤسسات والمنافذ الحدودية ومنافذ أخرى للفساد .