د. كريم شغيدل
الوعي بالقانون أهم من القانون نفسه، فجميع القوانين قابلة للخرق، أتذكر أنني في إحدى الدول العربية طلبت من سائق التاكسي أن يواصل سيره، فأشار إلى الإشارة الضوئية التي أجبرته على الوقوف، فأردفت قائلاً بأن الوقت متأخر ولا يوجد شرطي مرور والشارع فارغ، فرد بما معناه يا سيدي أنا لا أطبق القانون خوفاً من الشرطي ولكنني تربيت عليه.
نعم فالتربية ترسخ فائدة القانون والوعي به، غالبية القوانين لا توضع جزافاً، وإنما لتنظيم حياة الناس، لإبعاد الخطر ودفع الضرر، فما الذي يجعلنا نخالفها؟ ربما لانعدام الشعور بأهميتها أو لفقدان الثقة بمن يصدرها أو لممارسة نوع من التمرد، قد نلتف على بعض القوانين بغية التملص من دفع الضرائب أو الرسوم أو للتغطية على مخالفات قانونية أو رغبة في إنجاز مصالحنا بأسرع وقت أو لاجتياز بعض عقبات الروتين وغير ذلك، لكن أن نخالف قوانين وضعت لسلامتنا وسلامة الآخرين فهذا نوع من التخلف والهبل، كقوانين المرور التي لم تعد تمثل شيئاً بالنسبة لجيل السواق الحالي، فقوانين عالمية ثابتة مثل الاجتياز من جهة اليسار، الأولوية لمن في الساحة، حزام الأمان، عدم استعمال الموبايل، تجاوز حدود السرعة، تكاد تكون
معطلة.
كل خرق للقوانين أهون من خرق التعليمات الصحية التي فرضتها جائحة كورونا، قلة قليلة تجدها ملتزمة، لكن الأغلبية العظمى غير مبالية بالأمر، التجمعات في المقاهي والمطاعم على قدم وساق، الازدحامات في دوائر الدولة خارجة عن المألوف، موضوع التعقيم والتعفير والكمامة والكفوف صار للتندر والسخرية، يا أخي.. إذا لم تكن حريصاً على حياتك فأنت ملزم بالحفاظ على سلامة الآخرين، فمن النادر أن تدخل إلى مكان عام وتجد من يرتدي الكمامة، وإذا دخلت عليهم بكمامتك سينظرون إليك بسخرية داخلية مع أنفسهم، وسيأتي الحظر وسنرى حالات الخرق، ومن يحاول خرقه هو نفسه من يتهرب من الدوام الرسمي، ونفسه من يخرق قوانين السير، ونفسه من يرمي الأوساخ في الشوارع، ونفسه من يفسد أينما وضعته، فالبعض تربى على عدم الشعور بالمسؤولية، فاضمحل عنده الوعي بالقوانين، حتى تلك التي وضعت من أجل سلامته.