مدير المكتب

الصفحة الاخيرة 2021/02/24
...

حسن العاني 
كنتُ انظر باعجاب كبير الى النجم الإذاعي اللامع، المرحوم مهند الانصاري، وكم تمنيتُ أن يكون صديقي، او أتعرف عليه عن قرب، وقد حالفني الحظ ، ففي تسعينيات القرن الماضي تولى الرجل مهمة الإنتاج البرامجي في الاذاعة - ولا ادري كيف حصل على عنواني - وكلفني بكتابة برنامج من اختياري.
أذهلني - رحمه الله - بتواضعه النادر وثقافته العالية ونبله الإنساني، واعددت له برنامجاً بعنوان ( كلمة في ساعة) اتولى فيه متابعة مفردة واحدة حيثما وردت في الكتاب الكريم والقاموس والشعر والامثال العامية والفصحى والاغاني ..الخ، ولدورة إذاعية ( أي 52 حلقة على عدد أسابيع السنة )، كنت التقي الانصاري اسبوعياً، وقد حظي البرنامج بإعجاب طيب، دفع الرجل الى تكليفي ببرنامج آخر ولدورة اذاعية كاملة كذلك، فاخترت عنوان ( في رحاب المبدعين )، وقدمت 52 حلقة، يستغرق بث الواحدة 60 دقيقة، وكانت زيارتي الأسبوعية ثابتة ، اذ يستقبلني ( مدير مكتبه) وهو انسان قمة في الادب والخلق، ولكنه يتصرف كانسان آلي،  ففي كل زيارة يسألني [ منو جنابك ] ، فارد عليه [ حسن العاني ]، فيطلب الاذن من الانصاري لكي 
اقابله. 
كنت شديد الاستغراب، انه لم يتعرف على اسمي بعد عشرين اسبوعاً او خمسين ، ولهذا حين سألني في احدى الزيارات عن 
(جنابي) كالعادة، أردتُ ممازحته ومعرفة ردود فعله، فأجبته [ انا رجل فقير اطلب المساعدة من المدير ]، لم تظهر أية علامة على وجهه،  دخل على الانصاري ثم خرج، وطلب مني الانتظار، وانتظرت قرابة عشر دقائق الى حين السماح 
بدخولي !
مفاجأة من العيار الثقيل استقبلها المرحوم مثلما استقبلها احد أصدقائه الإعلاميين الذي كان معه وكلاهما يحمل في يده مبلغاً من المال، كانت دهشتهما عظيمة وضحكهما - حين عرفا الحكاية- اعظم، الطريف ان مدير المكتب في الأسبوع اللاحق سألني عن اسمي كذلك فقلت له [ انا الكاتب الكبير الأستاذ حسن العاني ] - في محاولة لجسّ نبضه - لم يعلق ولم يستغرب أن يزعم الفقير الذي يطلب المساعدة قبل أسبوع ، بانه أستاذ وكاتب كبير بعد أسبوع، ومرة أخرى ضحك الانصاري من
أعماقه.