حسين رشيد
في مشهد من فيلم (ضد الحكومة) يقدم احمد زكي مرافعته بصفته محامي دفاع عن قضية رأي عام، ويجلد نفسه امام جمهور المحكمة والقضاة وهيئة الادعاء العام، ويقول (كلنا فاسدون) ثم يقر بما قام به من أفعال وعمليات فساد وافساد مارسها طول سني حياته، عله يتطهر منها او يغسل خطاياه بماء الاعتراف والندم، لكن هل يكفي ذلك، هل سيستعيد من تضرر وأذى من الفساد والافساد حقوقه، التي سلبت واستحوذ عليها الغير؟
حتما لا، لكن كان بالامكان عدم السماح للفساد والفاسدين ان يستولوا على حقوق غيرهم، ليمارسوا عمليات الفساد واللصوصية.
على غرار ما قاله احمد زكي في الفيلم اعترف اكثر من سياسي عراقي بالفساد، واقرّوا أن المرحلة الحالية وضعت العراق في مقدمة دول العالم، التي يتفشى فيها الفساد والرشى والابتزاز وعمليات غسيل الاموال ونهب المال العام، زعيم ديني وسياسي ذكر ان المرحلة الحالية نتاج توافق سياسي حتى على الفساد وتسير وفق مبدأ (غطيلي واغطيك) (ادعمني وادعمك) (اسكت عني واسكت عنك).
وثمة تصريح متلفز لنائب وسياسي معروف قال عبره (كلنا فاسدون)، نمارس شتى انواع الفساد، معترفا انه اثناء ما كان في لجنة النزاهة النيابية أخذ عدة ملايين من الدولارات لغلق ملف فساد، وبعد تسلمه المبلغ لم يغلق ذلك الملف، الذي دفع لأجل غلق ملايين الدولارات؟ لكن المفارقة اننا لم نسمع او نقرأ لليوم عن كشف فساد بحجم الملف الذي جاء بحديث النائب (المعترف)، فملف تدفع ملايين الدولارات لغلقه فقط، يعني ان حجم الفساد فيه يصل الى المليارات من الدولارات.
وهناك اعتراف اخر لنائبة برلمانية وصفت الطبقة السياسية في البلاد انها متفقة على كل شيء، وان ما يظهر من خلافات في وسائل الاعلام سرعان ما يتبخر في اول جلسة او اجتماع نيابي او تشاوري بين الكتل والتحالفات، وان عملية التحاصص وصلت حتى الى فتح وغلق ملفات الفساد.
من شاكلة هذه الاعترافات العلنية الكثير ومن السرية والخاصة اكثر منها بكثير، لكن ماذا جنى المواطن العراقي من كل تلك الاعترافات، وماذا سيجني من اعترافات مقبلة، والادعاء العام يغط في سبات، من دون ان يحرك اي ساكن او يتحرى عما يذكر في تلك الاعترافات. ماذا سيستفيد المواطن العراقي من صدور احكام قضاء خفيفة او مخففة بحق الفسادين واللصوص ممن اغتنوا على حساب فقراء البلاد ونهب المال العام، وتعطيل حركة الاقتصاد
الوطنية.