{خطيئة} الذكريات

الصفحة الاخيرة 2021/02/24
...

 رضا المحمداوي 
 
                         
جاء استخدام الاجهزة والمُعّدات الالكترونية الصغيرة البالغة الدقة "نانو" وادخالها في شخصيات وعوالم واجواء عالم السينما، وخصوصاً في افلام الخيال العلمي، ليخلقَ أفقاً خيالياً واسعاً لا تحدَّهُ حدود، ويقدّم شخصيات درامية جديدة بمواصفات وملامح خاصة لم تكنْ مألوفةً 
لدينا، اذ تمزج بين مواصفات الإنسان الطبيعي بابعادهِ وقواه المعروفة مع امتيازات الشخصية المُعَقّدة ذات الطاقات والإمكانيات الخارقة، وهو ما اصطلح على تسميته بـ"السايبورغ"، اذ يتجاوز هذا النمط المفهوم الفني للشخصية الدرامية بابعادها التقليدية، ليقدمها بمفهوم "سيبراني" تحافظ  فيه الشخصية المُصَنَّعة على المواصفات الإنسانية، في حين أنَّ الجزء الآخر الكتروني  آلي تمَّ إدخالهُ أو زرعه في الجسد البشري. 
ويقدّمُ فيلم الخيال العلمي "vice" خطيئة، للمخرج بريان ميلر، انموذجاً مثيراً وذكياً في طرح ومعالجة فكرة الخلود، ذلك الحلم المثيولوجي القديم إزاء فكرة الموت التي تلازم الإنسان منذُ ولادتهِ كَقَدَر وجودي لا مفرَّ منهُ، وذلك حين يتم إدخال الأجهزة الالكترونية الدقيقة في جسد المرأة "كيلي ، الممثلة: أمبير شيلديرز" في المصنع الكبير الذي يديرهُ جوليان مايكلز "الممثل: بروس ويلس" لتصبحَ بعد ذلك مُعدَّلة وراثياً وقابلةً للعودة إلى الحياة بعد كل عملية قتل أو 
موت تتعرّض لها.
الفيلم في مآلهِ الأخير رغم خياله الجامح ينتصرُ للإنسان وتجربتهِ الحياتية وعلاقاته الاجتماعية، وذلك عندما يصبحُ عصياً على البرمجة العلمية ويرفض السيطرة الالكترونية على مشاعره وعواطفه. 
اولئك البشر الذين ينتجهم المصنع الكبير يتمتعون بجلد وعظم مُعَدّل جينياً، ويمكنُ التحكم بهم عضلياً بشكل آلي، ورغم أنهم يتصرفون مثل البشر، لكنهم يبقون أناساً مُصَنّعين، لكن الاستنساخ التكنولوجي رغم تقدمه العلمي يفشل ليعودَ الإنسان إلى ذكرياته ومشاعره الحقيقية وتجاربه التي عاشها، اذ تبقى هي الحصيلة المعرفية الوحيدة التي تتحكّم في سلوكه 
وتصرفاته.