«آيدول» المختلَف عليه

الصفحة الاخيرة 2021/02/28
...

عبد الهادي مهودر
نادراً ما نتفق على شخصية عراقية فنية او رياضية أو سياسية، وتكون محبوب الكل، والاختلاف طبيعة بشرية لكنه علامة عراقية فارقة وزاوية حادة في حاضرنا، كما في تاريخنا الذي يقرأ بألف رواية ويتعدد فيه الرواة بل ونختلف حتى على أمانتهم وتصنيفهم بين ثقاة ومأجورين وهم كذلك فعلا، فلكل راوية محبوبه الخاص وبعضهم يحكم بعين الرضا التي تخفي العيوب أو عين السخط التي تظهر المساوئ، كما يرى الشاعر العربي أي بطريقتنا العراقية الشهيرة (حب واحچي واكره  واحچي)، وكل مجموعة (قافلة) على محبوبها المتناغم مع افكارها ومصالحها وتسير خلفه ولو أخذها الى الهاوية، وبرنامج (عراق آيدول) لن يستطيع بطبيعة الحال فرض محبوب على مزاجنا الصعب، فقد نسفنا فكرة المحبوب من أساسها بانتقاد اختيار اعضاء لجنة تقييم الاصوات والتشكيك بصلاحيتها للتحكيم، وما يميز النسخة العراقية عن النسختين العربية والاجنبية هو اختلافنا على أصل اللجنة وليس على (مخرجاتها)، وهكذا نحن في الفن والحياة السياسية والحزبية فلكل مجموعة لجنتها ومحبوبها وآلهتها التي تقدسها لتقربها الى الحكم زلفى، ونظرية المحبوب العراقية أزلية منذ القِدم وأبدية نحو المستقبل وملموسة في حاضرنا الذي لا يلتقي فيه المتصارعون على كلمة سواء ودائرة وسط ومصلحة أسمى تدعى مصلحة الوطن، والصراع في مواقع التواصل الاجتماعي على أشده بين المحبين والمبغضين والموالين والمناوئين، ومن أمثلته الصراع الحاد بين محبي الملك ومحبي الزعيم الذي انتقل الى أبناء الجيل الحالي الذين لا يعرفون عن العراق في العهدين الملكي والجمهوري غير معلومات سماعية وحب وحقد توارثوه وانضموا اليه بدوافع سياسية او طائفية، أما الدافع الوطني فموجود بلا شك لكن كل طرف يرى الوطن أجمل في ظل محبوبه الفريد من نوعه.
وتتكرر حالات (الحب الأعمى) في مواطن شتى وتظهر بوضوح في وسائل الاعلام التي تغني لمحبوبها الأوحد وترى كل بني آدم خطائين إلا مالك القناة الفضائية وممولها فهو الوطني الوحيد الذي لا يظلم ولا يقصي ولا يخطئ ولا يسفك الدماء ولا يفسد في الارض وهو نصير الفقراء واليتامى والمساكين الذي لو مَلك المُلك لقتل الفقر شر قتلة وقضى على البطالة ولوصلنا المريخ بلا مسبار .