وباء الجهل العام

آراء 2021/03/02
...

   سرور العلي
مع تأزم الوضع الصحي من جديد، وظهور سلالة أخرى من الفيروس، بدأت الحكومة العراقية بفرض حظر التجوال الجزئي والكلي لأيام الجمعة والسبت والأحد، وفرض غرامة مالية قدرها 25 ألف دينار عراقي لغير الملتزمين بالإرشادات الصحية، إلى جانب غلق المساجد، والمدارس، والأماكن العامة.
والواقع أن أفراد مجتمعنا ما زالوا متهاونين مع الإجراءات الوقائية، متناسين الضرر الذي لحق بملايين البشر في مختلف دول العالم، وتشير دلائل كثيرة إلى أن ارتفاع عدد الإصابات، جاء نتيجة إهمال كثيرين للالتزام بارتداء الكمامة والقفازات وتعقيم الأيدي، وإقامة التجمعات الأسرية وحفلات أعياد الميلاد والزواج وأحياء المناسبات الدينية، وشكك البعض الآخر في وجود الفيروس من الأساس أو نفيه تماما، وانعدام ثقتهم في الرعاية الصحية الموجودة في اغلب المستشفيات داخل العراق، واعتدائهم على بعض الممرضين والأطباء.
ومازالت آفة الخرافة والجهل قابعة في أعماق البعض، لاسيما ان هناك من يغذي الايمان بها، وتأثير الغيبيات على عقولهم واعتقادهم أن أمر الشفاء متروك لله فحسب، وانه غضب إلهي وقضاء وقدر، في الوقت الذي تتنافس به الدول على إيجاد علاج فعال للقضاء على الجائحة، وكل تلك الأسباب مردها إلى التنشئة الاجتماعية الخاطئة للإنسان العربي، وغرس فيه عادات، وتقاليد متوارثة من التخلف الفكري ساهمت في تردي الأوضاع.
وبالرغم من كل الإجراءات الاحترازية المتبعة من قبل وزارة الصحة، والتشديد على التباعد الاجتماعي، وزيادة عدد مرات التعقيم، وتعليق الدراسة، وأي حفل جماعي بإمكانه أن يسبب العدوى، لم يلتزم كثيرون بها، غير مبالين بحجم الفيروس الفتاك، الذي قد يلحق بأرواحهم، ولا يدركون العواقب، وفي ظل تردي الوضع الراهن فإن الجهل قد يقتلنا أكثر من الوباء.
كما أن انتشار الشائعات، والأخبار المزيفة حول الفيروس في منصات التواصل الاجتماعي، والأرقام الخيالية للإصابات زاد من عدوى الجهل لدى الناس، واستهتارهم بالوضع السائد، معتقدين بأن الأمر مجرد "مؤامرة"، للتأثير في الرأي العام، من هنا فنحن بحاجة لمحاربة الجهل العام إلى جانب الفيروس، وقلعه من جذوره، بنشر التوعية والتثقيف، والتأكيد على أن بالعلم فقط نستطيع تجاوز الأزمة، وليس بالخرافات 
والشعوذة.