دويلات الطوائف والمكونات

آراء 2021/03/02
...

 عبدالامير المجر 

يعطينا التاريخ دروسا مهمة في كيفية قيام الأمم وتفككها وينبغي علينا جميعا قراءته، فالإمبراطورية الإخمينية، مثلا التي قامت في العام 550  ق.م وانتهت على يد الاسكندر المقدوني في العام 330 ق.م ، أعقبها قيام دويلات الطوائف او الإمارات الصغيرة، قبل قيام الملك أردشير الساساني بتوحيد البلاد من جديد واقامة الامبراطورية الساسانية، التي انتهت في صدر الاسلام بالقصة المعروفة، وبعد انهيار الدولة الاموية في الاندلس العام 422 هجرية، قامت على انقاضها 22 دويلة في المرحلة، التي دخلت التاريخ باسم (ملوك الطوائف)، التي انتهت لاحقا بطريقة مروعة في القصة المعروفة ايضا، ولا يختلف المشهد كثيرا في قصة سقوط الخلافة العباسية في بغداد العام 1258م وكيف تم تقطيع اوصال الدولة التي توالدت الدويلات والامارات من بين اشلائها!. 
الدرس المستخلص من هذه الاحداث وغيرها الكثير، هو إن ضعف الدولة لا يمهد فقط لسقوطها، بل يجعل السلطة فيها هدفا للكثيرين من ابنائها، يسارعون بما اوتوا من وسائل للانقضاض عليها، وبما ان هذا غير ممكن بسبب غياب القوة المركزية الممثلة بالجيش الواحد الكبير وادوات الدولة الاخرى، وتوازن القوى المتنافسة، ينتهي الامر في الغالب الى ظهور محميات موزعة بين هؤلاء المتنافسين، فتنشأ عند ذاك الدويلات التي يمهد لظهورها ضعف الدولة او سقوطها، في أيامنا الكالحة هذه، جرّبت دول كبرى طامعة في المنطقة هذه اللعبة، لكن بهندسة ادق واكثر دهاء، اذ عملت بأشكال مختلفة على تقويض الدول كمقدمة لصناعة ملوك طوائف ومكونات جدد، عندما جعلت من السلطة هدفا بحد ذاته وليست وسيلة لخدمة الناس، كما كانت، على ما فيها من اخفاقات وعلاّت كثيرة، ولو تأملنا المشهد جيدا لوجدنا أننا مستدرجون لهذه اللعبة التي استساغها البعض وصار يعمل على تكريسها لتحقيق مكاسب شخصية، ستنتهي ببلاده الى 
التفكك وعندها نكون بحاجة الى موحّدين جدد ان سمحت لهم القوى المستفيدة من الوضع الجديد، الخارجية منها والداخلية، لان من يمتلك سلطة ويغرق بملذاتها يصعب عليه التخلي عنها وهذه من مشكلات البشر الأزلية، الشيء الذي لا يريد البعض ان يفهمه هو ان تفكك اية دولة، صغيرة كانت او كبيرة يبدأ بصناعة الاختلاف على شرعية الحكم ويستبطن الرغبة في الفوز به، وينتهي بشرعية حكّام الطوائف 
والمكونات!