متغيرات الحالة العراقية

آراء 2021/03/13
...

 د. عبد الواحد مشعل
 
تعد زيارة بابا الفاتيكان الى بلاد الرافدين حدثا تاريخيا، بسبب مجموعة من المتغيرات المؤثرة في الحالة العراقية في المرحلة الحالية أبرزها، المتغيرات الداخلية والخارجية المؤثرة، ولاشك أن المتغيرات الداخلية تتصل بحالة مجتمعية تحتاج إلى رؤية علمية للتصدي لها، ورسم خريطة ثابتة الأبعاد لمعالجة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، التي يعاني منها المجتمع، بعد سلسلة من الأزمات والحروب والتوترات النفسية والاجتماعية أثرت في شخصية الفرد العراقي في بيئاته المختلفة وثقافاته الفرعية المختلفة، ولعل أبرزها البطالة والفقر ونقص الخدمات الصحية والتعليمة والترفيهية، وحالات الفساد المالي والإداري، وحالة الاغتراب التي يشعر بها الفرد العراقي في حياته المعاصرة ومشكلات الأسرة، ومشكلات الشباب، وأزمة الثقافة والمثقفين، وغيرها، فضلا عما طرأ على المجتمع 
من حالة انقسام اثني وديني، وما نتج عنهما من عنف وإرهاب التي لم يعرفهما المجتمع العراقي من قبل، والتي مثلت بمجملها عوامل تعمل بالضد من أصل حيثيات الثقافة العراقية الوطنية، الداعية للتسامح المجتمعي والثقافي والداعمة للتعايش السلمي الذي عرفه التاريخ الحضاري العراقي خلال التاريخ، أما المتغير الثاني المتمثل بالمتغيرات الخارجية المؤثرة في المجتمع العراقي والتي تأخذ مسار التدخل الخارجي من أطراف دولية وإقليمية تعمل لمصالحها وتوازناتها في المنطقة، وإذا كانت زيارة البابا الى المراكز الحضارية في أور وغيرها من معالم الثقافة العراقية المتنوعة تمثل شاهدا واعترافا حضاريا دوليا بأقدمية الحياة المدنية العراقية في التاريخ الإنساني، إنما تأتي أيضا في إطار الدعوة للسلام في دعم الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار والتعايش السلمي في العراق والمنطقة، من خلال طرح فكرة السلام كأولوية أساسية لإعادة بناء الدولة على وفق القانون وتساوي المواطنين أمامه، كما تحمل في مضامينها رسالة إنسانية وعالمية الى ضرورة العمل على تأكيد مكانة الدولة الاعتبارية وصون حقوق الأقليات ضمن نظرة متكافئة لكل أطياف المجتمع العراقي، التي تعايشت خلال التاريخ مشكلّة حضارة عراقية مدنية واحدة.، كما أنها لا تخرج من مضمون أساسي هو ضرورة قيام الدولة والمجتمع، للخروج من آثار تلك المتغيرات الداخلية والخارجية وصياغة عقد اجتماعي عراقي جديد، يرسم العلاقات بين الدولة والمجتمع على وفق تصورات قانونية وثقافية جامعة تقوم على أساس التنوع الثقافي الخلاق واحترام الرأي والرأي الآخر.