زيارة البابا.. المغزى والوقع

آراء 2021/03/13
...

 ا.د.عامر حسن فياض
 
لا نبالغ حين نقول إن زيارة البابا فرنسيس الى العراق كانت تاريخية ووصفت، بحق، انها لقاء الشجعان وزيارة تعانق المآذن والأجراس وزيارة السلام والمحبة والتسامح والتعايش بين الاديان، نعم لا نبالغ لما لها من مغزى تاريخي روحاني ايماني توحيدي كبير ووقع مجتمعي مستقبلي اكبر، اذا كان شكل الزيارة دينيا للبابا الحاج التائب الى ارض مولد ابي الانبياء سيدنا ابراهيم (عليه السلام)، فإن مضامينها سياسية بامتياز، وهذه المضامين عجت بها كلمة البابا في القصر الرئاسي العراقي، عندما اشار فيها الى الاخوة الانسانية والسلام وحماية المحتاجين والحوار بين المتنوعين قوميا ودينيا والامن والاستقرار والتعاون والتضامن، للخروج من المحن التي تواجه شعوب العالم وعلى رأسها محنة كورونا، كما ان كلمة البابا توقفت كثيرا عند همجية الارهاب والتطرف والعنف وضرورة الحد من بشاعة انتشار الاسلحة ومكافحة الفساد، والمساواة في المواطنة واعادة الاعمار وعودة النازحين واعتماد الحوار والتصالح الوطني، والدعوة لمجتمع ديمقراطي يقوم على التشاركية والتعددية بكل اشكالها السياسية والدينية، وهكذا لم تنحصر كلمة البابا عند المغزى الديني والايماني الداعي الى التوحيد القائم على الهوية الجامعة المتمثلة عند البابا بهوية الله الواحد الخالق، فالوقع الاكبر للزيارة تمثل بوحدة الترحيب العراقي العابر للقوميات والاديان والمذاهب على المستويين الرسمي والشعبي، لقد شهدنا في العراق تشظي الاراء والمواقف في استقبال الوافد الاقليمي او الدولي عند القوى السياسية المتنوعة، عدا زيارة البابا حيث توحد خطاب الترحيب بالضيف عابرا، بايجابية عالية، التنوعات القومية والدينية والمذهبية، ليكون العراق المضياف للضيوف لا الغادر بالضيوف كما غدر الاميركان بضيف العراق . 
والمغزى الكبير الذي سيكون له الوقع المستقبلي الاكبر ان محطات زيارة البابا الخمس كانت موزعة بين كل ارض العراق من وسطه ( بغداد ) الى جنوبه ( ذي قار والنجف ) الى شماله ( الموصل و اربيل ) ليؤشر الى أن العراق واحد غير قابل للقسمة او التجزئة . 
ان زيارة البابا ستساعد في تعرية خطاب يروج له خصوم واعداء شعوب المنطقة، بأن دول المنطقة هي عبارة عن قبائل وطوائف متصارعة غير جديرة بالاستقرار والامن وغير صالحة للتعايش والتسامح وغير مستحقة غير الفوضى 
والاقتتال.