سياسة بايدن مع الملف العراقي

منصة 2021/03/14
...

 إعداد: الصباح
 
يقول د. ولي نصر (الباحث في العلاقات الدولية والمستشار السابق في الخارجية الأميركيَّة): إنَّ أمام بايدن نافذة ضيقة للتعامل مع الملف الإيراني، فلا تعدو خياراته عن استعادة وتفعيل الاتفاق النووي السداسي مع إيران، أو أنْ يغامر بأزمة واسعة تشمل كل ملفات الشرق الأوسط التي برهنت مراراً على أنها سريعة الاشتعال.
ولأنَّ الملف العراقي (هناك في واشنطن) لا ينظر إليه على أنه منفصلٌ عن الملف الإيراني، الذي تظهر فيه طموحات إيران النوويَّة كأبرز فصل، لذلك من الصعوبة أنْ تخاطر واشنطن عبر سياستها الخارجيَّة بألا تعير اهتماماً للارتدادات التي ستتلقاها على الساحة العراقيَّة، كما يتوقع المراقبون.
ويتساءل بات بوكنان، الكاتب والمستشار السابق في إدارات الرؤساء الجمهوريين المتعاقبين، إنْ كان الرئيس جو بايدن سيضطر للاستثمار مجددًا في الحروب التي تبدو بلا نهاية.
والى غاية اليوم، لا يبدو أنَّ الوجود العسكري الأميركي في العراق أو في أفغانستان، أو في الخليج، هو وجود له سقف منظور. ويقرأ بوكنان الضربة الجوية التي وافق عليها بايدن، واستهدفت وجودًا عسكريًا لمسلحين تعدّهم واشنطن مقربين من إيران، فيقول: إنَّ ضرب مواقع كتائب حزب الله،  بمحاذاة الحدود العراقية السورية، بأنها مشكلة تفسيريَّة جديدة يجب على الإدارة الجديدة أنْ تتوقف عندها. وحين يعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، بأنه واثقٌ تمامًا أنَّ المواقع التي وجهت لها الضربة الجويَّة هي على علاقة مباشرة باستهداف القاعدة العسكريَّة الأميركيَّة في أربيل.
فإنه سينتقل الى استحقاق داخلي أميركي آخر يتمثل في: "من أعطى الضوء الأخضر لإدارة بايدن أنْ تشن هجمات عسكريَّة في سوريا؟".
هذا التساؤل طرحه علانيَّة كلٌ من السيناتور تيم كاين، والسيناتور كريس ميرفي، العضوان الديمقراطيان (من المفترض أنَّ بايدن يتمتع بتأييدٍ لا جدال فيه من الديمقراطيين في الكونغرس).
ولي نصر يقول في آخر ما كتب: إنَّ الرئيس بايدن يعرف لزوميَّة العودة الى الاتفاق الذي أبرمه أوباما مع طهران، وهو أعرف الناس بترابط هذا الاتفاق مع كل الملفات الأمنيَّة الأخرى، وأنَّ لا مهرب من مواجهة الأشياء على طاولة سبق أنْ أعدت، فلا داعي لوجود خطوط حمراء ربما سيكون هناك اضطرارٌ لاحقٌ لكسرها.
المتحدث العسكري الأميركي قال عن الضربة إنَّ الولايات المتحدة ملتزمة بحماية عناصر قواتها وعناصر القوات الحليفة في كل مكان، لكنَّ هذا التصريح عده بعض المراقبين نهجاً يقبل به بايدن سيكرس إعادة الاستثمار في الحروب التي لا نهاية لها. وقبل ذلك الموقف، يتفادى بايدن استحقاق القرار الواضح في ما يتعلق بالعودة الى الاتفاق النووي، والذي غادرته الولايات المتحدة من جانبٍ واحد، بينما يضغط أصدقاء المملكة العربيَّة السعوديَّة على الإدارة الجديدة (المتضايقة من هذا الضغط أصلًا) بأنْ تؤكد عدم عودتها الى الاتفاق الإيراني في الملف النووي.
تبقى مسألة الوجود العسكري الأميركي في العراق، والخاضع للعلاقة بين واشنطن وبغداد، حيث يرى مراقبون بأنَّ الأمر مرهونٌ بمدى تحقق الأمن والاستقرار الداخلي العراقي وتحييد الجماعات المسلحة، ومدى تمكن حكومة الرئيس الكاظمي من التأكيد برسوخيَّة هذا الأمن واستدامته.
أما الموقف الإيراني المعلن فهو يؤكد مراراً نأي طهران عن هذا الملف، وأنها تساند الحكومة العراقية في تطلعها الى التحقيق ولمعرفة الجهات التي تقف خلف هذه الهجمات، التي تؤدي بالنتيجة الى بقاء القوات الأميركيَّة لفترة أطول وتعطيل الانسحاب التام، سواء للقوات الأميركيَّة أم لحلفائها في الناتو.