أعادت زيارة بابا الفاتيكان العراق الى الواجهة من جديد كبلد يمتلك حضارة عريقة يحلم زعيم ديني وثقافي كبير بزيارته، ويأتي ويحقق أحلامه ويمنح هذا البلد فرصة جديدة للظهور والحصول على رعاية واهتمام العالم بعد محاولات كثيرة لطمس معالم الحضارة والعراقة لهذا البلد وبعد اخفاقات سياسية واجتماعية وثقافية أبعدته عن مكانته بين دول العالم
المتحضر.
ولم تكن زيارة بابا الفاتيكان الى العراق كأي زيارة أخرى ولم يكن كسائر الضيوف الذين حضروا الى العراق من حيث الاهتمام الرسمي والشعبي؛ لأنها زيارة استثنائية من رمز ديني وثقافي وقد حملت رسائل عديدة للسلام والتعايش والمحبة، فضلا عن دعوة لكل العالم لزيارة هذا الإرث الحضاري والتاريخي في مهد الحضارات.
ولايمكن أن تبتعد هذه الزيارة عن ترسيخ مفاهيم التعايش السلمي بين الأديان والطوائف لاسيما بعد لقاء البابا مع سماحة المرجع الديني السيد السيستاني في داره في النجف الأشرف وضرب جميع مفاهيم التطرف، ففي الوقت الذي تعمل فيه المدارس الفكرية المتطرفة على إثارة مشاعر الكراهية والحقد بين الأديان والطوائف تعمل أطراف أخرى بالمقابل لترسيخ مفاهيم التعايش والتسامح من أجل تحقيق السلم الأهلي في
العالم.
وتأتي زيارة البابا الى العراق في هذا الاتجاه إذ يعده البعض رسول السلام الى بلد عانى من الحروب الطائفية وتعرض لجرائم ابادة جماعية تحت رايات مختلفة
للتطرف.
ومن الاهمية بمكان أن نشير هنا الى ضرورة استثمار العراق لهذه الزيارة بكل تفاصيلها ومن جوانب مختلفة ثقافية ودينية واجتماعية وسياسية، ومن حيث ترسيخ مفاهيم التعايش وتعزيز العلاقات الخارجية وتطوير المزارات الدينية والسياحية بعد ان توجهت انظار العالم الى هذه المواقع بعد زيارتها من قبل زعيم كبير، إذ أدرك الجميع التقصير الحكومي في الاهتمام بتلك المزارات وحاجتها الى الرعاية وصرف الاموال لتكون مواقع أثرية وثقافية سياحية تستقطب الزائرين من جميع بقاع الارض. وأخيرا لا بد من السعي الجاد من قبل الجميع من أجل عودة العراق الى مكانته الثقافية ودوره
الريادي.