بيوت واطئة الكلفة

آراء 2021/03/16
...

   ريسان الخزعلي
تقول القصيدة، قصيدتي: بيوتٌ .. بعضها للناس، بيوتٌ غادرت ألوانها، بيوتٌ فُضحت أسرارها، وبيوتٌ تخصّنُ أبناءها بالنعاس. ما يشغلني منها الآن: بيوتٌ تُحصّنُ أبناءها بالنعاس، وهذه البيوت هي بيوت: الطين، التنك والصفيح، القصب، الخيام، الزوايا في البنايات، وغيرها. فمنذُ أن تفتحت عيوننا وعياً في هذه (الحياة) وأزمة السكن في بلدنا، تؤرق العراقيين، وتصدم أحلامهم بالفراغ والخيبة بعد أن كان اليأس ربح الانتظار. وخسارة امتلاك بيت سكني يليق بالإنسان العراقي ليست هي الخسارة الوحيدة، إلّا أنها الأمض، كون العراء يُمثّل عودةً لبداية الخلق والتكوين.
مَن يملك بيتاً يملك وطناً، ومَن له وطن لا بدَّ أن يملك بيتاً على مستوى الأحلام في الأقل. ومثل هذه الأحلام ليست عصيّة التحقيق حينما ينتفض الضمير، وتحضر الإنسانية، وتصحو العقول كي ترى، وتلمس مرارة عيش الآخرين في بلدٍ يُوصف ببلد الحضارات، من سومر وأكد وبابل وآشور إلى (يومنا الحضاري) هذا..!.
كم رددنا مطلع الأغنية: أُبيتنه إونلعب بيه، شلهه غرض بينا الناس؟.. ولكن أين يلعب مَن لايملك بيتاً؟!..، وكم سمعنا وقرأنا عن مشاريع الإسكان في الخطط الخمسية والعشرية والمليونية!..، غير أن (البيوت) مازالت تُحصّن أبناءها بالنعاس، وما زال إيقاع كلمة بيوت (الصفيح والتنك) يرنُّ في المسامع، فهل تعمى العيون أمام مشهد هذه البيوت؟.. أشكُّ وغيري في ذلك.
منذُ سنوات، والحديث يعلو ويتواصل حول فكرة بناء بيوت واطئة الكلفة، ولانعرف مَن يطلب بيوتاً عالية الكلفة من أصحاب البيوت التي ذكرناها..؟. إنها لعبة التصريحات الإعلامية الدعائية، والعبارات الإنشائية المستهلكة التي غادرها الصدق وغادر 
أصحابها.
أليس من المفيد فعلاً أن تتم المباشرة فوراً ببناء بيوت واطئة الكلفة ومنذ لحظة التصريح؟ ولِمَ لا، والممكنات عراقية: الأرض والطابوق والإسمنت والخشب، و (المساطر) هي الأخرى عراقية الهوى. آهٍ لو عاد السومريون الآن لعلّمونا كيف تُبنى البيوت في البطائح والأهوار من الطابوق والآجر. نعم بيوت السومريين مازالت تُلوّح لنا، تُذكّرنا بمعجزتهم وتُشير إلى تراجعنا (الحضاري). 
وإذا كانت البيوت واطئة الكلفة هي الأخرى يصعب تحقيقها!.. فهل أنَّ توزيع الأراضي السكنية يحتاج إلى خطط خمسية وعشرية..؟!...