سعد العبيدي
طرحت الحكومة أخيراً مشروعاً للحوار الوطني سبيلاً للتوصل الى عقد اجتماعي يكون أساساً لحل عموم المشكلات القائمة في بلاد للرافدين لم تهدأ في ربوعها وطأة المشكلات منذ ما يقرب من نصف قرن من الزمان، وهو طرحٌ على وجه العموم يعد مهماً في هذا الوقت الذي يشكل مرحلة انتقال الى نوع من الديمقراطية في حال بنائها بشكل صحيح يمكن أن تحل عموم المشكلات العالقة وتمهد الى عصر من الرفاه والأمان.
لكن الحوار في هذه البلاد التي واجهت في (الثمانية عشر عاماً) انقساماً واضحاً في تركيبتها الاجتماعية وتصدعاً ملموساً في جدران عمليتها السياسة وارهاباً منظماً لإفشال نظامها الديمقراطي الحديث،
لا يعد سهلاً، ولا يمكن مروره بالتمني العابر فقط، وإنما بدعم الجميع من دون استثناء، وبترحيب الجميع للمشاركة من دون وضع شروط مسبقة وعراقيل؛ لأن نفعه في واقع الحال لن يقتصر على جهة محددة ولا على شخص ما بعينه، وانما على جميع العراقيين وبينهم الذين اعتادوا وضع شروط، ولأن نجاحه استقرار وأمن وأمان يحتاجها العراقي بعد تعب لعديد من السنين، ويحتاجها السياسي القائد ليعيش معنى القيادة في ظل الاستقرار، وكذلك العسكري ليأخذ استراحة محارب قاتل بجد واجتهاد لكثير من السنين، والعامل كي يجد عملاً والفلاح من أجل انتاج
وبيع أفضل وغيرهم من الشرائح والطبقات كافة.
إن الحوار تضحية ومسؤولية وطنية، وخطوة يحسب نجاحها إنجازاً للجميع مع الاعتراف بصعوبتها، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن غالبية الحكومات المتعاقبة ما بعد (2003) حاولت السير على نهجها ولم تنجح ليس لتقصير منها، بل ولأن الظروف لم تكن مهيأة بالمستوى المطلوب.
أما هي الآن فيمكن أن تكون أكثر ملاءمة للتدليل على أن العراق يستحق التضحية وإعادة
البناء.