زمـن (الـغـَـمّ) الجميل!!  

الرياضة 2021/03/16
...

علي رياح  

 
 إذا أرادت مشيئة الله أن ينجلي هذا الليل البهيم الذي تمرّ به الرياضة العراقية ، وإن كنتُ أشكّ في هذا على المدى القريب أو المنظور ، فستكون عبارة (زمن الغـَمّ الجميل) وصفا مناسبا ودقيقا لما نحن فيه الآن (العبارة هي عنوان كتاب مصري مؤلفه عمر طاهر) ، وسننسى حتما تلك العبارة التي تتردد دوما من فرط الحنين إلى الماضي : زمن الفن الجميل!  
فمن الملامح الرئيسة لما آلت إليه أحوال الرياضة عندنا أننا صرنا نستسهل (الاستنساخ) كي تتضارب المؤسسات الرياضية في الحضور والمسمى والمصالح!  
فأنت في ظل استسهال كل ما يُعدّ محظورا في تجارب العالم من حولنا ، تستطيع أن تعلن عن انبثاق وجه آخر لناد رياضي وسط صمت المؤسسات الرياضية المسؤولة : نادي الجامعة نموذجا!  
والذي جرى في الأسبوع الماضي على هذا الصعيد ليس سوى عيّنة تؤكد أننا في الطريق (المثالي) لتخريب الأسس التي قامت عليها الحركة الرياضية في العراق .. قبل هذا كان لدينا على سبيل المثال اتحادان عراقيان لرياضة واحدة : اتحاد الجودو نموذجا!  
وقبل هذا وبعده ، أفرز الحراك الانتخابي للمؤسسة الرياضية الأشمل وهي اللجنة الأولمبية العراقية عن رئيسين : قديم ويسعى للتجديد ، ومنتخب وسط إجراءات قيل إنها مطعونة لأسباب يعرفها المتناحرون!  
هل يمكن أن يمرّ هذا العهد الرياضي على الجيل الحالي ، وحين يجري استذكاره بعد عقد أو عقدين من السنين ، ستصدر آهات استذكار لهفة عميقة تتردد معها عبارة : لقد كنا نعيش الزمن الجميل؟!  
في عزّ أزمتنا الطاحنة هذه تذهب الرياضة ضحية كبرى تشكو الإهمال والضياع والضغوط .. إذا كان لديك الوقت لكي تتأمل المشهد الذي نحن فيه ، ستجد أن لا مكان لسهم آخر تتلقاه الرياضة ، والمتنبي يقول هنا : تكسّرت النصال على النصال!  
المشكلة ستبدو أعمق بعد الآن .. بعد أن فقدنا أية لغة للتخاطب سواء في صفحات الجرائد أو على الشاشات وفي مواقع التواصل الاجتماعي، صار المألوف أن يُساء إلى الرياضة ونحن نتفرج بل ونسهم في هذا الهدم المنظم ، والغريب أنه لا يمرّ يوم واحد من دون أن تكون هناك معضلة كبرى يجري العمل على توسيعها بكل سبل التخريب المتاحة!  
في نهاية العقد السبعيني كان العراق من أقصى حدود زاخو وحتى الفاو يتحدث عن مشادة كلامية وقعت بين النجم اللامع فلاح حسن والصحفي الكبير الراحل عبد الجليل موسى .. الحقيقة أن الأمر لم يزد عن سوء تفسير أو نقل لتصريحات، ولكن العراق كله هاج وماج من أجل إطفاء لهب قضية نادرة لا تحدث عندنا في العادة .. فما  كان الحل وقتها؟ كان العرف السائد الذي نفتقده اليوم هو أن يلتزم اللاعب – أي لاعب – حدود الأدب ، وأن يلتزم الصحفي – أي صفحي – حدود الخصوصية فلا يهرف بما لا يعرف!  
مضى ذلك الزمان برجاله وتقاليده وقواعد الاشتباك النادر فيه، وقد وسمته حقا بصفة (جميل) .. فهل سنجد لزماننا هذا حين نعود إليه بعد حين غير صفة الهمّ والغمّ كنتاج للفوضى التي حاصرتنا؟!