عيد الشجرة

الصفحة الاخيرة 2021/03/16
...

حسن العاني 
قليل من الضوء هو ماتبقى في العين، وقليل من العافية هو ما ابقاه العمر، واقل من القليل هو ما علق في ذاكرة الطفولة، بعد أن أنهكتها متاعب الرحلة، ومع ذلك استطيع الاعراب عن اطمئناني الى (صورتين) لا يمكن أن تغادرا الذاكرة ابداً فقد استقرتا في الروح، لانهما من بين سعادات شخصية ، لم يُجِدْ ولن يجود الزمن بهما مرة أخرى،
الأولى تعود الى خمسينيات القرن الماضي اذ تولى معلم الرياضة، اصطحاب مجموعة من تلاميذ الكرخ الابتدائية للبنين الى منطقة قريبة من المحطة العالمية، لاستقبال الملك، اتخذنا مواقعنا الى جانب مئات التلامذة القادمين من شتى مدارس البنين والبنات الابتدائية، وها هو يمر بموكبه الغريب الذي لم ار مثله في حياتي اقل عدداً من المركبات، ولا ابسط ابهة، كان يجلس في الحوض الخلفي للمركبة، وكفه اليمنى ترد على فرحنا الحقيقي بتحية لا يقدر على الاتيان بمثلها الا ملك، انها صادقة ومهذبة ومتناغمة مع الابتسامة الناعمة التي وزعها علينا 
بالتساوي !.
في زمن آخر، وعمر آخر عرفت ان يوم اللقاء بالملك على الهواء الطلق كان يوم (21 اذار )، مثلما عرفت انه يدعى ( عيد الشجرة)، وقد آلمني ان احداً لم يعطني (عيدية)، كما جرت العادة في الفطر والاضحى، ومع ذلك كان ذلك اليوم مطرزاً بالمناسبات
السارة.
 ففي مساء ذلك اليوم بدأت سعادة ثانية، ذلك لان العديد من الاسر تعمل (صينية) شبيهة بصينية 
(زكريا)، لان عيد الشجرة له اسم آخر هو (دورة السنة) ولا مجال للخوض في تفاصيلها، في ذلك المساء كنت البي طلب جارتنا (ام محمود) لكي اقرأ شيئاً من الآيات الكريمة على مائدة (دورة السنة)، ملأت الخالة ام محمود جيبي بالكرزات والحلوى مع درهم، زيادة على تناولي العشاء معهم (دولمة)، وهي اول مرة اعرف ان ( الدولمة) تحتوي على اللحم ولا تكتفي مثل (دولمتنا) بالرز، في اليوم 
الثاني سألنا معلم اللغة العربية عن احلى شيء رأيناه في عيد الشجرة، كان اقراني بلا استثناء قد قالوا (الملك) فيعلو التصفيق، الا انا قلت (دولمة ام محمود) فتحول التصفيق الى ضحك، المعلم اختنق من الضحك، مع انني والله العظيم لم
اكذب.