الصين الماركسية.. هل تسبق أميركا؟

آراء 2021/03/18
...

 رزاق عداي
 
رغم جائحة كورونا التي ضربت العالم من اقصاه الى اقصاه، تأخر النمو نسبياَ ولم يتعطل سباق القوة الاقتصادية لجميع بلدان العالم، التي تأمل أن يكون لها سبق خاص بها، في عالم سريع ومتغير، تنوعت انماطه وتداخلت، وتبادلت المصالح رغم تباين الايديولوجيات، واسهمت التكنولوجيا في فتح الاسواق وتوسعها، ستراتيجية - بايدن- للامن القومي الجديدة، التي اعلن عنها مؤخرا، حولت اتجاه الاهتمام نحو مناطق اخرى كالصين وروسيا، واوروبا، في منافسة اقتصادية سياسية.

واهتمام اقل في منطقة الشرق الاوسط، باستثناء مواجهة الملف النووي الايراني، ورعاية تقليدية لاسرائيل،فالراسمالية دوما مراكز، كان مركزها في القرن التاسع عشر في بريطانيا، وبعد النصف الثاني من القرن العشرين اصبحت اميركا تتقدم العالم الراسمالي، ودائما المركز الجديد يكون اكثر توسعا واحاطة من الذي يسبقه، وفقا لقيام الاسواق وتنوع السلع، وتوافقا مع السردية الرأسمالية، فان حقبة قومية او دولتية، برزت اثناء تطور الرأسمالية، بعد المرحلة الصناعية، وبداية المرحلة الكولونيالية، ادى هذا الى حصول خروقات في الاسواق القومية، وتأسيس نظام شامل وعابر للقوميات، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي يعيش العالم توازنا قلقلاَ بين اميركا التي تحسب نفسها قطبا أوحدا، وبين اوروبا متحدة من جهة، والصين التي برزت بقوة في نهاية القرن العشرين، في المرحلة الاكثر عولمة، مع تحرر الاسواق ولمعاهدات التجارية في مناطق وبلدان شاسعة في العالم، بات تغلغل رؤوس الاموال اعظم نوعيا، فكان دخول الصين ميدان السباق الدولي بقوة، احدث نوعا من المفارقة، فطبيعة الصين ذات الاقتصاد المخطط، بإشراف الدولة، يدخل لاقتصاد العالم العولمي، وبادارة دولة تهتدي بنظرية ماركسية تؤمن بغاية اشتراكية، يثير الكثير من الجدل حول مفهوم الحرية الاقتصادية، التي تعد محور النشاط الاقتصادي في فضاء العولمة النابذ للقيود، والمؤسس على النشاط والحركة.
والحقيقة ان نقطة التحول جرت تحديدا في عام 1978 عندما اطلق -دينغ هسياو بنغ- برنامجه الاصلاحي، قبل هذا تمحور الانتاج في الصين حول نموذج مركزي، الزراعة الجماعية في المناطق الريفية، والشركات الصناعية الحكومية في المناطق الحضرية، كما حددت الحكومة اسعار السلع والخدمات، بدلا من تركها لسياسة العرض والطلب، لذا عمد (دينغ) الى اطلاق سلسلة من التدابير كفتح الاقتصاد المخطط امام التجارة والاستثمار الخارجي، وتفعيل كل قطاعات الاقتصاد، والى دمج الاقتصاد الصيني بالاقتصاد العالمي، ولكنه في الوقت نفسه لم يترك للسوق الحبل على الغارب من اول لحظة، كما فعلت دول اوروبا الشرقية، اذ سمح للاقتصاد الصيني الجديد أن ينمو خارج الخطة القديمة، مثلا لم يجر خصخصة الشركات الحكومية، اذ جعل قطاعي الدولة والخاص يتحركان بالتوازي، واعطى المستهلك حرية الاختيار، وبهذا اجبر الشركات الحكومية على الاستجابة لطلب السوق في ممارستها الانتاجية.
في عام 2019 كتب ((جبسون يونغ)) -مدير مركز نيوزيلندا المعاصر للبحوث في الصين (ان الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين حاليا هي  نزاع على اي نماذج الاقتصاد السياسي تعد عادلة، واي سياسة اكثر مشروعية في الاقتصاد العالمي المتكامل اليوم، خلال العقد الماضي نتج ما يقرب من ثلث النمو الاقتصادي العالمي من الصين، وتصدرت دول مثل استراليا المستفيدين، حيث اشترت منها الصين بـ(116) مليار دولار في عام 2018، سيكون النمو العالمي،اكثر ثباتا اذا تكرس تراث ( دينغ )، بمجرد الاعلان عن خفض التعريفات التجارية التي صعدها (ترامب)، وتوسع الاستثمار
 الاجنبي.