يا حضرات المسؤولين.. «وين رايحين»؟
آراء
2021/03/18
+A
-A
عبد الحليم الرهيمي
ولم يكن السؤال الذي وجهه قائد الجيش للمسؤولين (وين رايحين) يوجه للمرة الاولى اليهم . فقبل عدة شهور، وكان تردي الاوضاع المعيشية والسياسية يتسع ويتزايد، عقد رئيس الجمهورية مؤتمراً صحفياً بالقصر الجمهوري في بعبدا، وقد وجهت إحدى الصحفيات اللبنانيات انذاك سؤالاً لرئيس الجمهورية وهو (فخامة الرئيس نحن لوين رايحين في ضوء عرض للأوضاع).
وبعد ان (تلعثم) قليلاً رد على السؤال بهدوء مفتعل وبكلمة ونص: ع جهنم ! هذا الجواب (الرئاسي) الذي رد به رئيس الجمهورية على سؤال الصحفية، اثار دهشة الكثيرين وضحكات صامتة لآخرين ارتسمت على وجوههم، لكن الجميع فسرواً ما قاله الرئيس همساً (الله يستر) من القادم وتساءلوا: لكن الا نعيش نحن الان فعلاً في جهنم، واي جهنم اخرى يبشرنا بها فخامة الرئيس بأن (نروح) اليها؟
هكذا، وبعد مرور عدة شهور على ذلك الجواب لرئيس الجمهورية المبشر بالذهاب الى جهم، يتعمد العماد قائد الجيش، كما يبدو، توجيه السؤال ذاته الى الرئيس والى (حضرات المسؤولين) وكأنه يريد احراج الجميع: ها لقد وصلنا جهنم التي بشرتم بها ونعيش الان في (ظلها) لكن الى (وين ح نروح) هذه المرة ؟ هل ثمة جهنم اخرى اقصى واشد، الوضع المعاشي كارثي ومدمر، اذ تبلغ نسبة الفقر لاكثر من 70 بالمئة وسعر الليرة هبط الى الحد ان سعر الدولار الاميركي بلغ 14 الف ليرة لبنانية، ومعظم ودائع اللبنانيين محجوزة لدى المصارف (المفلسة) هذا اضافة الى الأزمة السياسية المتفاقمة، والتي ابرز مظاهرها عجز الطبقة السياسية المتحكمة بالمشهد السياسي من تشكيل حكومة جديدة والدوران في حلقة مفرغة.
منذ اكثر من سبعة اشهر من دون امل قريب بحل هذه الازمة رغم معرفة الجميع، الرأي العام الشعبي اللبناني والطبقة السياسية ذاتها والدول العربية المهتمة بتطورات الوضع اللبناني، لا سيما دول الخليج العربية وكذلك الدول الغربية وخاصة فرنسا والولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا والمانيا، معرفتهم بأن الحل العملي الممكن لانقاذ لبنان وشعبه من محنته الراهنة ومنع اسباب الانهيار الذي لم يعد امامه الوقت لمنع حدوثه كما قال وزير الخارجية الفرنسية، وهذا الحل يتمثل بتشكيل حكومة مستقلة اي حكومة كفاءات تستبعد ممثلي احزاب وكتل الطبقة الحاكمة وتحظى بتأييد الشعب اللبناني والدول العربية والغربية المهتمة بتطورات ومصير لبنان
وشعبه .
ان تساؤل العماد عون قائد الجيش (وين رايحين) يمثل صرخة عالية ومهمة تضيف قوة للحراك الشعبي المتصاعد، فالجيش اللبناني الذي يبلغ تعداده (74) الف ضابط وجندي منه (5) الاف ضابط انخفضت رواتبهم الى مستويات متدنية جداً، ففي حين اصبح راتب الجندي الذي كان يبلغ نحو 800 دولار انخفض الى ما يعادل 132 وراتب اصغر ضابط (ملازم) انخفض الى 227 دولارا بينما انخفض راتب اعلى رتبة (لواء) نحو ما يعادل 805 دولارات وهذا ما دفع الكثير من الضباط والجنود التسرب من الخدمة كما تشير لذلك تقارير صحفية.
ان حرص قائد الجيش على مهنيته والحفاظ على وحدة الجيش والحياة المعيشية الكريمة لمنتسبيه، هي التي دفعته لتوجيه تساؤله لـ (حضرات المسؤولين) ودعته الى الاعتذار عن قمع التظاهرات التي ترفع الاهداف والمطالب ذاتها لضباط وافراد الجيش الذي يكن له المواطنون التقدير والاحترام الكبيرين .