دبلوماسية البحث عن حلول للأزمات الإقليمية

الرياضة 2021/03/18
...

محمد صالح صدقيان 
 
حدثان كبيران يتركان بصماتهما على التطورات الدولية والاقليمية، جائحة كورونا وتأثيراتها وانعكاساتها على المستويات المختلفة الامنية والسياسية والاقتصادية ؛ وفوز الرئيس جوزيف بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية وما رافقته من تداعيات سواء في الداخل الأميركي أو على مجمل التطورات الدولية على خلفية السياسة الخارجية المختلفة عن سابقتها التي بشرت بها ادارة بايدن .  
هذان الحدثان يتفاعلان بشكل متسارع على هذه التطورات على الرغم من عدم استكمال مدة المئة يوم لتسلم الرئيس بايدن مفاتيح البيت الأبيض.  تسارع الأحداث والتطورات يدل على أن المشهد الدولي والإقليمي استبق فريق بايدن في بدء تحركات ومشاورات لخلق أرضية التعاطي مع أي تطورات جديدة تبدأ بها الادارة الأميركية، ما جعل أهمية لهذه التحركات والمشاورات، الاخطاء الكثيرة التي وقعت فيها ادارة الرئيس السابق دونالد ترامب، الأمر الذي يجعل الجميع يشد الأحزمة للتعويض عن الاخفاقات التي شهدتها المرحلة الماضية والتهيؤ لمرحلة لايريد دفع المزيد من الضرائب يقينا منه ان مرحلة بايدن وان كانت في صورتها الاولى ذات «سياسة ناعمة» لكنها «قد» تكون شرسة بسبب مشكلاتها الداخلية التي لا تنتهي بوجود الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يتربص ببايدن الدوائر. 
الجولة التي بدأها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في المنطقة الخليجية لم تكن جولة عابرة لا من حيث التوقيت ولا من حيث الاهداف، انها جاءت قبل أن تُشرع ادارة بايدن في خطتها للشرق الاوسط وبذلك هو أراد أن يرتب الاوراق المتناثرة وفق الرؤية الروسية، وهذه الجولة تزامنت ايضا مع الدعوة التي وجهتها وزارة الخارجية الروسية لوفد من حزب الله اللبناني لزيارة موسكو «لبحث القضايا الداخلية اللبنانية والتطورات الاقليمية».
وإذا ما اردنا أن نشبك رسالة المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي الموجهة للرئيس فلاديمير بوتين التي أرسلها بيد رئيس مجلس الشورى الايراني محمد باقر قاليباف نهاية الشهر الماضي بهذا التحرك، فإننا سنكون امام مشهد مختلف لم تشهده المنطقة حتى عندما أراد الرئيس ترامب تجميع الاوراق لخلق بيئة «صفقة القرن». الفارق أن جهود المصالحة التي حملها لافروف تهم الجميع الذي يتطلع الى ظروف افضل مما كانت في المرحلة السابقة والتي «قد» تسهم في تعزيز فرص الامن والاستقرار في هذه المنطقة التي «احتفلت» بالذكرى العاشرة للأزمة السورية. 
روسيا تدرك أن الشرارة السورية التي أشعلت منطقة الشرق الاوسط قبل 10 أعوام يجب أن تبدأ بها من أجل اعادة ترتيب الأوراق ولذلك ركز الوزير لافروف على وضع سوريا على رأس جدول اعماله في الدول التي زارها، قطر والامارات والسعودية، من دون أن يخفي ايصال رسالة موسكو لهذه الدول برغبتها في ايجاد مقاربة ايرانية سورية من جهة وخليجية من جهة أخرى. الظروف لم تتضح بعد لتحقيق خروقات في هذا المجال؛ لكن الاستنفار الدبلوماسي الروسي الحاصل حاليا هو جزء من مسعى لعودة سوريا للصف العربي منذ تجميد عضويتها في الجامعة العربية في تشرين الاول 2011 وانهاء حالة المقاطعة .  الأوروبيون –حسب دبلوماسي أوروبي– يراهنون أيضا على نجاح المبادرة الروسية لأنها تشكل انفراجا لنزاع «الحلقة المفرغة» الأميركي – الايراني. يبقى ملف «حائكي السجادة الحمراء» في طهران، فإن الادارة تحاول التخلص من ضغوط الكونغرس في استكمال الموافقة على كابينة الرئيس بايدن قبل البدء بمناقشة هذا الملف لأنه معقد بعض الشيء بسبب ارتباطه بجهات متعددة، خصوصاً وأن إسرائيل حفزت دبلوماسيتها من أجل الضغط على جميع المعنيين بالملف الإيراني لتكون العودة لهذا الملف من خلال الباب الاسرائيلية، أما الملف اليمني فأنه وضع على نار عمانية هادئة اعتادوا عليها لصنع المسقطية مستفيدين من تجاربهم الثرية في فك عقد لم تفتح إلا بايديهم.