نهضة بغداد !

آراء 2021/03/20
...

 
 حسين رشيد
 
أثارت الاستعدادات لزيارة بابا الفاتيكان الكثير من التساؤلات، رغم ان اغلب تلك الاستعدادت كانت ترقيعية، ولا ترتقي لمستوى الحدث المهم، بل ان بعضها اثار الاستهجان والاستغراب، كما في تغطية اكثر من بناية مشوهة في شارع السعدون.
وتخطيط شارع المطار، وتزيين الطرق التي سيمر بها البابا في العاصمة بغداد.
كذلك ما حدث في محافظة النجف وتحديدا في شارع الرسول، المؤدي الى مرقد الامام علي ومنزل السيد السيستاني، وكيف تمت معالجة فوضى الشارع والتشوه البصري بطريقة مستفزة، من دون ان تهتم الجهات المعنية، والعتبة العلوية وبلدية النجف واصحاب المحال التجارية لأهمية الشارع المعنوية والرمزية والتجارية، والذي يفترض ان يكون بمستوى يليق بالمرقد والمدينة كواجهة سياحية دينية. 
كما اثارت تلك الاستعدادات، واعمال التبليط والصبغ والتلميع، استغراب الناس، من قدرة الجهات المختصة، على اتمام الاعمال الخدمية بسرعةٍ وجهدٍ استثنائي، ممكن ان يستمر العمل به لفترة مقبلة، وبوجه الخصوص في ايام حظر التجوال، ان كان الشامل او الجزئي، والاستفادة من خلو الشوارع واعتدال الطقس في اتمام المشاريع الخدمية والجمالية واعادة تأهيل ما يحتاج التأهيل.
قبل اسابيع اعلنت امانة العاصمة، عن مشروع نهضة بغداد، وباشرت كما اعلنت بحملة تبليط للشوارع، لكن حتى الان لم نتلمس بشكل واضح بوادر تلك الحملة، وهل ستكتفي بالتبليط، بعدما اكتفت الحكومات السابقة وامانات العاصمة السابقة بعمل الارصفة وتبديل (الاشتايكر) حسب فرضية كلما كان مقرب منهم بحاجة للاموال فتمنح له على شكل مقاولة رصيف.
نهضة بغداد ليست تبليط شوارع واصلاح تخسفات فحسب، او تأهيل جزرات وسطية وصبغ ارصفة وتحديد مسارات السير، هي قبل كل ذلك تطبيق القانون في شتى المفاصل، وايجاد فرص عمل من خلال مشاريع كبرى، تفك أزمة الازدحامات في العاصمة.
نهضة بغداد لن تتم بعدة آليات، ومدراء دوائر بلدية جاءت بهم الاحزاب والقوى السياسية، ولم تمضِ قدما باجراءات ادارية بالية ومزاجية موظفين، وفساد يضرب المؤسسات الخدمية، ولن تستمر وسط الازمة المالية، اذ لم تخصص المبالغ المالية الكافية لتلك النهضة، التي يفترض انها متأتية من دراسة مفصلية لحاجة العاصمة من الخدمات، والتي يفترض ان تكون بأولويات. 
لا اهمية لنهضة بغداد من دون كهرباء، وبلا ماء صالح للشرب، ومن دون مصانع انتاجية، وطرق حولية حديثة، وقانون مرور صارم ومراقبة بالكاميرات وفرض الغرامات التي تذهب لتأهيل العاصمة وبُناها التحتية، لا اهمية لنهضة بغداد ومداخل العاصمة مشوهة بشتى اشكال القبح والفوضى.
المدن تعمر وتؤهل وتبنى بخطط عمرانية محترمة، وجهات مختصة، وآلية عمل وطنية، واولويات تفرضها الحاجة، وملاكات فنية، ومسؤولون يتمتعون بالكفاءة والنزاهة، وضبط الواردات المالية، ومواجهة الفساد والمفسدين، بغداد تستحق (نهضة) حقيقية وليس مشروعا للنهضة وترقيعات هنا وهناك ودعوات لمؤتمر إعمار دولي.