شمخي جبر
ربما يطرح سؤال بديهي كيف لاتعبر الانتخابات عن رأي الجمهور وهي المعبرة عن إرادتهم وتوجهاتهم وخياراتهم من خلال اصواتهم التي يضعونها داخل صناديق
الاقتراع؟
وللاجابة عن هذا السؤال نقول إن هناك الكثير من العمليات الانتخابية التي جرت في دول لاتعنيها الديمقراطية او ارادة الشعوب بل استخدمها النظام السياسي كوسيلة للتضليل والخداع ومحاولة لإضفاء شرعية موهومة على النظام
القائم.
فمثلا النظام السابق أجرى انتخابات رئاسية سماها (يوم البيعة) كان يقصد بها مبايعة الشعب له، ولكن في هذه الانتخابات لم يكن هناك مرشح منافس للرئيس، بل ان بطاقة الانتخاب لم لاتحتوي سوى اسم رئيس النظام
آنذاك.
وكان الجمهور مجبرا للتصويت له من خلال التحشيد وسوق الناس نحو المراكز الانتخابية بالتهديد والوعيد، فكانت النسبة 99.99 بالمئة... وهكذا كانت النتائج تعبيرا عن ارادة القائمين عليها من اجهزة النظام السياسي الحزبية والامنية.. فهل كانت النتائج تعبير عن ارادة الناخبين؟.
وهكذا في كل انتخابات يتم التأثير فيها على توجهات الرأي العام وارادته من خلال المال السياسي والرشوة او التزوير او التهديد والوعيد.
إذ يتم احيانا شراء ارادة الشعب ورشوته من خلال تبليط شارع مهمل من قبل مرشح له نفوذ في الدوائر البلدية او تهديد مرشح لينسحب من الترشيح او يتم الاعتداء على دعايته الانتخابية.
يحدث هذا في جميع الدول التي لم تترسخ لديها القيم الديمقراطية ثقافيا وسياسيا، بل تبقى ممارسات وآليات على السطح السياسي لم تأخذ مجالها في العقل المجتمعي فتتحول الى سلوك وممارسة يومية.
وحتى في الدول التي ترسخت فيها الممارسات الديمقراطية ومنها الانتخابات تحدث مثل هذه الانحرافات فيدخل اصحاب رؤوس الاموال والشركات للتأثير في الرأي العام لدعم هذا المرشح او ذاك، فيصبح رأس المال هو المؤثر في توجهات الجمهور وخياراته، وليس برنامج المرشح وتأثيره في الناخبين من حيث مايعدهم به من قوانين او قرارات ذات نفع عام. لكن في جميع الأحوال تبقى عملية الاقتراع هي الفيصل والآلية المهمة والوحيدة في قياس توجهات الرأي العام، وهي الآلية التي من خلالها تتشكل الخارطة الانتخابية
ومخرجاتها.